منوعات

أعراض لدغة العقرب وتأثيرها على مختلف أعضاء الجسم

تنتشر العقارب بكثرة في المناطق الحارة سواء الاستوائية أو المدارية، و تعتبر لدغاتها من الأمور التي لا يجب التهاون في علاجها بأسرع ما يمكن. تنوع هذه الحشرات من حيث شدة السمية و ألوانها و حجمها يرافقه تنوع في الظاهر الاكلينيكي و أعراض لسعاتها. ومن المهم تلقي العلاج بشكل مستعجل حتى قبل ظهور أعراض لدغة العقرب، و وضع المصابين تحت المراقبة الطبية، كما يجب تجنب الممارسات الغير سوية و التي لا تستند لدلائل علمية من أجل ضمان الشفاء.

و تبقى خطورة لدغة العقرب وأعراضها مرتفعة لدى فئات عمرية حساسة مثل كبار السن و الأطفال.

فهم آلية تأثير سم العقارب على عضوية الإنسان و فهم الأعراض و منشئها، ساعد الوسط الطبي في زيادة كفاءة العلاج و جعل المراقبة المحددة زمنيا و سريريا ذات نتيجة حسنة. في ما يلي نظرة مفصلة عن تكوين سم العقارب و تأثيره، إضافة إلى مختلف أعراض لدغة العقرب المتعلقة بانتشار السم في جسم الإنسان، وكذا طرق التدخل الطبي التي تحول دون تدهور حالة المصاب.

سم العقرب:

لا يوجد تركيب محدد و خاص بكل أنواع العقارب، فكل نوع من العقارب يمتلك سما بتركيب خاص به.

يتكون سم العقارب عموما من خليط من سلاسل سكريات معقدة، و من مجموعة بروتينات ذات سُمية عصبية، إضافة إلى أنزيمات ذات نشاط حيوي مشابه لجزيئات بشرية كالهيستامين (وسيط حيوي في العملية الالتهابية) و السيروتونين.

خلايا جسم الإنسان تمتلك عديد القنوات الموزعة على أغشيتها و التي تسمح بمرور عديد الشوارد و الجزيئات، و هنا يكمن مربط الفرس و سبب السُمية الملاحظة في لدغة العقرب.

القنوات الخاصة بشوارد الصوديوم، البوتاسيوم، الكلور و الكالسيوم، المتواجدة في كل خلايا الجسم و التي تختلف نسبة توزعها حسب الجهاز الحيوي سواء عصبيا، عضليا أو تنفسيا، هي القنوات التي تمثل هدفا مباشرا لسم العقرب، و بشكل أكبر قنوات الصوديوم لدى البشر.

السموم العصبية و الوسائط الالتهابية و الأنزيمات الموجودة في سم العقرب تجعل من آلية التسمم مرتبطة و متشابكة بشكل يصعب فهمه.

تأثير سم العقرب في الجسم:

ضرر لدغة العقرب على عضلة القلب:

يتسبب السم العصبي الموجود في لدغة العقرب بخلل في القنوات الأيونية (للصوديوم، البوتاسيوم و الكالسيوم) محفزا آلية مركبة تنتج عنها إفرازات مفرطة للكاثيكولامينات كالأدرينالين. هذا النوع من الاستجابة يزيد من عمل عضلة القلب التي تكون قد تضررت مباشرة بسبب السم و الأنزيمات و الوسائط الالتهابية.

نقص تروية عضلة القلب الملاحظ في حالات التسمم و الذي يكون سببا في خطورة لدغة العقرب قد يمثل سببا رئيسيا للوفاة.

ارتفاع السكر المصاحب للإفراز المفرط للأدرينالين بواسطة الغدة الكظرية (غدة توجد فوق الكلى) قد يكون سببا آخر في زيادة تضرر عضلة القلب التي تحتاج للأكسجين. في هذه الحالة يستمر القلب في العمل عبر انتهاج عملية أيض لاهوائية لكسب طاقة كافية للعمل.

تأثير لدغة العقرب على الجهاز العصبي:

قنوات الكاليسيوم المتضررة بفعل السم العصبي تساهم في تجمع أيوناته في الجهاز العصبي متسببة في اضطراب في عمل هذا الجهاز.

يكون تضرر الخلايا العصبية في الدماغ ممكنا لدى الأطفال، حيث يكون الحاجز الواقي الذي يفصل الدورة الدموية عن الجهاز العصبي غير كامل النضوج.

اضطراب الأرقام الخاصة بضغط الدم و التي قد ترتفع فجأة بسبب الإفراز الهائل للأدرينالين و ما شابهه من جزيئات هي سبب مباشر في ظهور اعتلال الدماغ المرتبط بضغط الدم المرتفع.

تأثير لدغة العقرب على الجهاز التنفسي:

الوذمة الرئوية الحادة (œdème aigu du poumon) و المسؤولة عن ضيق تنفس حاد و التي تعتبر سببا رئيسيا آخر بجانب ضرر عضلة القلب في حالات الوفاة الملاحظة، هي الأخرى آلية و أثر خطير لسم العقرب.

الوذمة الرئوية و التي تمثل تراكم السوائل في الرئتين، تعيق وصول الأكسجين إلى الدورة للدموية و تزيد من خطر ضرر القلب عبر نقص الأكسجين بالإضافة لنقص التروية.

ضرر لدغة العقرب على الجهاز الهضمي:

تحفيز نشاط الجزء القرب ودي من الجهاز العصبي (système nerveux parasympathique) يساهم في حالة من النشاط الزائد للجهاز الهضمي و ظهور أعراض لدغة العقرب الهضمية مثل القيء، الغثيان والإسهال.

نقص التروية في المخاط المغلف لبطانة الجهاز الهضمي إضافة لتأثير عوامل الالتهاب السمية تزيد من معاناة الأمعاء و كامل الجهاز الهضمي.

أعراض لدغة العقرب:

  • ألم في مكان اللدغة و ما جاورها
  • التهاب مكان اللدغة و تعفنها أحيانا
  • التعرق الزائد
  • الغثيان والقيء
  • الإسهال
  • آلام البطن
  • انتصاب دائم للعضو الذكري
  • تشنجات عضلية و اختلاجات
  • ضيق التنفس (متعلق بالوذمة الرئوية الحادة OAP).
  • انخفاض حرارة الجسم أو ارتفاعها
  • زيادة نبضات القلب
  • اضطراب في الضغط الدموي
  • اضطراب حالة الوعي
  • حالة صدمة أو انهيار الدورة الدموية
  • فرط الإفرازات و رغوة ملاحظة في فتحات الأنف و الفم

درجات التسمم:

تقسيم التسمم بلدغة العقرب إلى درجات مهم جدا لتقييم حالة المصاب. يمكن ملاحظة ثلاث درجات متزايدة الخطورة:

  1. الدرجة الأولى: تكون أعراض لدغة العقرب متمركزة في مكان اللدغة، و تتمثل في آلام شديدة، مع التهاب محيط مكان اللدغة، إضافة إلى احساس يالوخز.
  2. الدرجة الثانية: في هذه الحالة يمكن ملاحظة أعراض لدغة العقرب في الأعضاء الحيوية كالتعرق، الاضطرابات الهضمية كالقيء و الغثيان نتيجة تحفيز الجهاز العصبي القرب ودي.
  3. الدرجة الثالثة: و هنا يمكن للأعراض الخطيرة للدغة العقرب أن تبرز في الواجهة، والتي تعتبر عوامل قد تؤدي إلى الوفاة مثل ضيق التنفس، انهيار الدورة الدموية، اضطرابات في حالة الوعي و وصولا إلى حالة الصدمة.

الوقاية من لدغة العقارب:

الوقاية ترتكز على أسس بسيطة لكنها فعالة لتجنب لسعة العقرب.

بالنسبة للأشخاص المقيمين في المناطق الحارة و التي تشتهر بانتشار العقارب فيها كصحراء الجزائر، على الشخص أن ينتبه في الأيام الحارة لموطئ قدمه، و من المستحسن ارتداء أحذية مغلقة بدل النعال.

النشاط الليلي لهذه الحشرات يُلزم الشخص باستعمال مصباح الهاتف أو أي مصباح يدوي للتأكد من موضع يديه أو قدميه و حتى مقعده.

عند الشروع في ارتداء الملابس، يجب التأكد دائما من خلوها من العقارب عبر تقليبها أو هزها.

استعمال المبيدات الحشرية و المتوفرة في الأسواق كوسيلة ناجعة.

الأبنية يجب أن تكون بأسوار مرتفعة نسبيا و من المستحسن أن تكون ملساء.

تربية الحيوانات الأليفة و المفترسة للعقارب أمر مساعد في المناطق التي تنتشر فيها العقارب.

العلاج و مالذي يجب فعله فورا عند حدوث لدغة العقرب؟

يجب التنويه بأن ربط العضو الملسوع أو فتحه و مص السم و كل السبل التي يتم مشاهدتها في الأفلام لا تجدي نفعا.

سم العقرب سريع الانتشار و بخاصية سمية عصبية بالدرجة الأولى.

استعمال الكمادات الباردة لعلاج الألم قد ينفع لحظة اللسع.

على المصاب أن يتوجه في أقصر الآجال إلى أقرب مركز علاج أو مستشفى، أين سيقوم فريق الأطباء و الممرضين باتباع بروتوكول علاج لدغة العقرب المعتمد على:

  • إعطاء المصل المضاد لسم العقرب كأول خطوة
  • عادة ما يستعمل دواء الهيدروكورتيزون للتخفيف من آثار العوامل الالتهابية المحتواة في سم لدغة العقرب
  • بعد وضع المريض في ظروف ملائمة و تجنبا لأي تعقيدات لاحقة، يتم تقدير درجة التسمم من طرف الطبيب
  • كل حالة لسع تعتبر تسمما حتى يثبت العكس و تستلزم مراقبة تدوم من أربع إلى ست ساعات

الدرجة الأولى من التسمم بلدغة العقرب يتم فيها علاج الأعراض و مراقبة الأرقام الحيوية كضغط الدم، الحرارة و وتيرة التنفس، إضافة إلى التحقق من ظهور أي أعراض أخرى.

في حالة التسمم من الدرجة الثانية يتم علاج كل عرض من أعراض لدغة العقرب بما يقابلها من دواء كمخفضات الحرارة، مضادات القيء و مضادات التقلص المعوي.

في حالة ضيق التنفس الحاد و فرط الإفرازات يتم إفراغ الشعب الهوائية من السوائل و وصل المصاب بمصدر أكسجين عالي التركيز. قد يستلزم أحيانا إدخال أنبوب التنفس الصناعي و استعمال مخدرات تمهيدا لهذه العملية.

إذا حدث انهيار في الدورة الدموية أو دخل المصاب في حالة صدمة، قد يقرر الطبيب استخدام دواء الدوبيتامين، والذي يلعب دورا محوريا في علاج اضطراب النظام الحيوي. يتم حقن المصاب بدواء الدوبيتامين تدريجيا بواسطة حقنة ذات دفع آلي واعتمادا على وزنه. و بعد استقرار حالة المريض يتم التخفيض تدريجيا في الجرعات.

قد يكون من الضروري إمداد الجسم بسوائل فيزيولوجية قصد تعديل ضغط الدم المنخفض في حالة الدرجة الثالثة للحفاظ على حياة المريض.

في حالة ارتفاع ضغط الدم بسبب تأثير السم السريع، يمكن استعمال دواء نيكارديبين لتجنب حالة اعتلال الدماغ المرتبط بارتفاع ضغط الدم.

يمكن الملاحظة بأن الأعراض قد تكون متعاكسة، ما يجبر الفريق الطبي على المراقبة المتواصلة للمصاب، خاصة إذا ظهرت أعراض الدرجة الثانية.

المصدر
المؤتمر الجهوي للسعات العقارب - الأغواط | الدكتور والي مراد، مصلحة الإنعاش الطبيأعمال Etienne Sergent حول مصل مضاد سم العقرب، معهد باستور - الجزائرمركز مكافحة التسمم المغربي، المنشور الرسمي | الدكتورة غالم نعيمة
اظهر المزيد

Dr Litim Mounir

طبيب عام، مساهم بعدة مقالات في مجلة العلوم الحقيقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى