قد يعاني الطفل من صدمات واضطرابات نفسية تحدث نتيجة تعرضه لأحداث مؤلمة أو مشاكل عائلية وهذا ما قد يؤدي للإصابة باضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال. يجد الطفل بعدها صعوبة كبيرة في تقبل الحقيقة وتصديق الحدث فتظهر عليه بعض الأعراض العاطفية والجسدية والسلوكية. تجيب الأخصائية النفسانية هالة غلاش مختصة في علم النفس العيادي، عن أسئلتنا حول الموضوع في هذا المقال.
اضطراب ما بعد الصدمة ( Post Traumatic Stress disorder اختصارا PTSD):
هو اضطراب نفسي يحدث بعد التعرض لصدمة مؤلمة نتيجة حدث صادم ومؤلم مثل اغتصاب أو وفاة شخص عزيز، أو انفصال الأهل أو التعرض لحادث خطير.يسترجع المصاب ذكريات الحدث الذي وقع له وكأنه يعاد أمامه من جديد فيشعر بالرهبة والخوف الشديد.
أعراض اضطراب ما بعد الصدمة النفسية عند الأطفال:
معظم الأطفال الذين يتعرضون لصدمة نفسية تظهر عليهم بعض التغيرات السلوكية وحتى الجسدية، ويمكن أن تظهر عليهم بعض الأعراض النفسية التالية:
- اضطرابات في النطق
- الشعور بالذنب
- مشاكل في النوم و رؤية الكوابيس
- الشعور بالخوف الشديد والتوتر
- ضعف الانتباه والتركيز
- التبول اللاإرادي
- العزلة
- فقدان الشهية
- عدم الثقة بالآخرين
- عدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة
- الاكتئاب
- التقلبات المزاجية
- إعادة إحياء الحدث وتذكره في كل مرة
- يشعر الطفل بنوع من الاستياء عندما يتذكر الحدث
- عدم وجود أفكار ومشاعر إيجابية
- إنكار وقوع الحدث
الأعراض الجسدية للاضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال:
يمكن أن يرافق الأعراض النفسية لاضطراب ما بعد الصدمة أعراض أخرى جسدية، تشمل أساسا:
- الشعور بصداع مزمن
- توتر العضلات
- زيادة معدل ضربات القلب
- صداع متكرر على مستوى الرأس
- آلام المعدة
- الشعور بالتعب والخمول
اذا تكررت الأحداث والذكريات لأكثر من شهر وتبدأ في غضون 6 أشهر من الحدث، فهذا يعني أن الطفل مصاب باضطراب ما بعد الصدمة.
ما الذي يسبب اضطراب ما بعد الصدمة؟
هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي مباشرة إلى إصابة الطفل باضطراب ما بعد الصدمة، مثل الحوادث الشخصية، العصبية أو بعض الأحداث المؤلمة:
- التعرض لحادث خطير
- الاعتداء الجنسي والجسدي
- التحرش الجنسي
- التعرض للعنف والاختطاف والتهديد
- التنمر
- الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات
- وفاة أحد أفراد الأسرة
- مشاهدة جريمة بالعين المجردة
ما هي العوامل التي تزيد احتمالية الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال؟
هناك مجموعة من العوامل التي تعتبر عوامل خطر وتزيد من احتمالية الإصابة بهذا الاضطراب وتشمل:
- التاريخ العائلي للأسرة بوجود أقارب يعانون من نفس الاضطراب
- معاناة أحد الوالدين من اضطرابات نفسية معينة
- فقدان الدعم النفسي من طرف الأهل
- معاناة الطفل من مشاكل نفسية أخرى قبل حدوث العامل المسبب للصدمة
مضاعفات اضطراب ما بعد الصدمة:
قد يؤدي اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال إلى بعض المضاعفات، مثل:
- الإصابة ببعض الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب، السكري من النوع الأول
- الإصابة ببعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب
- صعوبة في بناء العلاقات الاجتماعية مع المحيط الخارجي
كيف يتم تشخيص اضطراب ” PTSD ” عند الأطفال؟
غالبا ما يتم تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال عن طريق التقييم النفسي وتحليل كل الأحداث الصادمة أو المزعجة التي مرت عليه.
من الممكن أن يقوم المختص النفساني بتوجيه الطفل إلى طبيب الأمراض العقلية لتشخيص حالته عن قرب. ويختلف التشخيص من حالة إلى أخرى حسب التاريخ النفسي وحسب مدة ظهور الأعراض فكل حالة لها بروتوكول علاجي خاص بها.
كيف يتم علاج اضطراب ما بعد الصدمة عند الطفل؟
كلما كان العلاج مبكرا كلما تحسنت نوعية حياة الطفل. ويشمل العلاج نوعان أساسيان:
- العلاج النفسي: في غالبية الأحيان يستعمل العلاج السلوكي المعرفي لتجاوز هذه الأزمة النفسية. ويركز أساسا على استعمال بعض الطرق التي تجعل الطفل يعبر عما في داخله سواء عن طريق الرسم أو الكتابة أو إعطائه بعض الألعاب الخاصة. كلها طرق يعتمد عليها الأخصائي النفساني وطبعا تختلف حسب كل حالة.
- العلاج بالأدوية: غالبا ما يتم استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب في هذا الاضطراب، خاصة إذا كان الطفل يعاني من بعض الأعراض مثل القلق، التوتر، الأرق والخوف.
أفضل علاج يكون متكاملا بين الأدوية، العلاج النفسي وحضانة العائلة للطفل المصاب.
دور الأسرة في الدعم النفسي للطفل:
أول خطوة يجب التركيز عليها هي التوجه مباشرة لأخصائي نفساني، فهو بدوره يساعد الأهل على تقديم بعض الحلول والنصائح من أجل تخطي هذه الصدمة. من أهم هذه النصائح:
- استخدام اللعب كوسيلة لمناقشة الطفل مثل الرسم و الكتابة
- إعطاء الطفل بعض الأشغال اليدوية خاصة إذا كان من النوع الذي لا يعبر عما في داخله
- احتضانه وتشجيعه على تأدية بعض المهارات يوميا
- حاول الإجابة عن استفساراته وأصغي له جيدا واجعله يشعر بالأمان معك
- إعطائه فرصة التحكم في اختياراته مثل اختيار ملابسه وأشيائه
- يمكن السماح للطفل بالبكاء للتخلص من الشعور بالألم
- امنحه الحنان والاحترام
- الحرص على ممارسة الأنشطة البدنية
- الحرص على عدم ترك الطفل بمفرده
- غالبا ما يشعر الطفل في هذه الفترة بالاكتئاب والقلق ويمكن أن يستمر هذا الاكتئاب ويصبح مزمنا، في هذه المرحلة قد يحتاج الطفل الى المساعدة من طرف أسرته ليشعر بالتحسن
- حاول التوجه إلى أخصائي نفساني لتقديم العلاج النفسي
هل يمكن للأم أو الأهل الحديث مع الطفل المصدوم نفسيا حول ما حصل له؟
يجب ترك الفرصة للطفل في التعبير عما يجول في داخله، لكن ما يجب تجنبه هو طرح بعض الأسئلة المباشرة على الطفل حول الحادث بشكل خاص، وهذا لتجنب تعريض طفلنا إلى إعادة معايشة الصدمة القاسية.
لهذا لا ينبغي محادثة الطفل حول ذكرياته الصادمة سوى من قبل المختصين في المجال النفسي، لأنهم يستعملون طرقا علاجية خاصة للتعامل مع ردود الفعل التي يمكن أن تحدث في الجلسة العلاجية.
لماذا يتأثر الأطفال بصورة أكبر للأحداث الصادمة؟
يمكن أن يتعرض أي شخص للصدمة بسبب أحداث مؤلمة، لكن قوة التأثير تختلف ما بين الطفل والشخص البالغ. فكلما تعرض الشخص للصدمة في وقت مبكر من العمر كانت عواقبها أكثر خطورة، لأن مرحلة الطفولة حساسة ويشعر الطفل خلالها بحاجة الماسة للآخرين في رعايته.
تعرض الطفل لشيء مخيف يشعره بفقدان الأمان ويشكل له صعوبات أكثر في التعامل مع التجربة مقارنة بالشخص البالغ، الذي اكتسب في مشوار حياته الثقة اللازمة والإحساس بأنه قادر على تدبير أموره بنفسه دون الحاجة للغير.