
كثيرا ما يشعر مريض التهاب المفاصل الروماتويدي بالخوف من الإعاقة، الغضب والحزن. كل هذه المشاعر ردود فعل طبيعية لمثل هذا التغير الذي يحدث في جسم المريض، وما يحمله من آلام على مستوى المفاصل. كما قد يشعر أحياناً أنه لا يوجد أحد يفهم ما الذي يمر به. ولكن إذا وجدت نفسك في حاجة إلى الدعم، فلا تغلق الباب أمام الآخرين، وأبدأ رحلة العلاج، وتعرف على مرضك.
نظّمت جمعية “عناية لمرضى التهاب المفاصل والفقار اللاصق في الجزائر” FEAS-Algeria، أول أمس السبت، الملتقى الثالث حول “التهاب المفاصل الروماتويدي”، بمشاركة أطباء أخصائيين، ومخابر خاصة. ويندرج هذا الملتقى الإلكتروني حسب رئيس الجمعية السيد بلخام بلال، ضمن النشاطات التوعوية التي تقوم بها الجمعية منذ نشأتها، بهدف خلق ثقافة صحية لدى المواطنين، وكذا تكثيف الحملات التوعوية وضرورة التشخيص المبكر لمثل هذا النوع من الأمراض.

إلتهاب المفاصل الروماتويدي La polyarthrite rhumatoïde هو مرض مناعي ذاتي، يصيب المفاصل بشكل رئيسي خاصة الأيدي والأقدام، ويؤدِّي إلى حدوث تورُّم والشعور بالألم، و غالبًا ما ينتهي بتخريب المفصل المصاب أو تشوهه، أو تآكُل العظام المحيطة.
التهاب المفاصل الروماتويدي هو حالة من أمراض المناعة الذاتية الناتجة عن مهاجمة الجهاز المناعي لأنسجة الجسم السليمة. tفي الحالات العادية، يصنع جهاز المناعة أجسامًا مضادة تهاجم البكتيريا والفيروسات التي تدخل جسم الإنسان لمكافحة العدوى، و إذا كنت مصابًا بالتهاب المفاصل الروماتويدي، فإن جهازك المناعي يرسل عن طريق الخطأ أجسامًا مضادة تهاجم الأنسجة المحيطة بالمفصل.
أعراض إلتهاب المفاصل الروماتويدي:
- آلام وتورم في المفاصل
- تغير و تشوه شكل المفصل
- الإحساس بتصلب المفصل، خاصة في الفترة الصباحية
قد يجد الأشخاص الذين يعانون من أعراض التهاب المفاصل الروماتويدي، في بعض الحالات، صعوبة في تنفيذ حتى أبسط الأعمال، مثل فتح قارورة أو المشي.
ويمكن أن يؤثر إلتهاب المفاصل الروماتويدي على أعضاء أخرى مع ظهور أعراض مختلفة في الجسم، مثل:
- تورمات على شكل حبات تحت الجلد
- التهاب الغشاء الخارجي المحيط بالقلب
- إلتهاب بطانة الرئتين
- التهابات على مستوى غدد العينين والفم
- انخفاض عدد خلايا الدم الحمراء وأيضا كريات الدم البيضاء
أسباب إلتهاب المفاصل الروماتويدي وعوامل الخطر المؤدية للإصابة:
هجوم الأجسام المضادة يؤدي إلى التهاب الغشاء الزليلي (membrane synoviale) و تضرر المكونات المحيطة به: العظم، الغضروف، الأوتار والأربطة، مما يتسبب تدريجياً في فقدان المفصل لشكله وحتى تدميره كليا.
ليس هناك حاليا تفسير علمي مؤكد لسبب حدوث هذا الهجوم، لكن تم حصر عوامل الخطر المؤدية للإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي في:
- العوامل الجينية: يمكن للمصاب بالتهاب المفاصل الروماتويدي أن يكون حاملا مسبقا لجينات معينة تجعله أكثر عرضة للإصابة، وأظهرت بعض الدراسات أن الوراثة قد تلعب دورًا صغيرًا في انتشار التهاب المفاصل الروماتويدي بين أفراد العائلة الواحدة (عندما يكون أحد الوالدين مصابًا بالتهاب المفاصل الروماتويدي، فإن فرص إصابة طفلهم تكون حوالي 1 إلى 3٪ فقط)
- الهرمونات: التهاب المفاصل الروماتويدي أكثر شيوعًا عند النساء منه عند الرجال، وقد يكون ذلك بسبب هرمون الاستروجين، حيث تحدث الإصابة عادةً خلال فترات التغيير الهرموني مثل مرحلة ما بعد الولادة أو بداية انقطاع الطمث
- التدخين: يعد التدخين أحد أكبر العوامل البيئية المؤدية للإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي، و يزيد الخطر كلما زاد عدد السجائر اليومية و مدة التدخين، كما يزيد التدخين من سوء الأعراض واحتمال عدم الاستجابة الجيدة للعلاج
- بعض المحفزات: يتم الحديث أحيانا عن التهاب المفاصل الروماتويدي بعد فترات من الإجهاد أو بعد صدمة جسدية أو عقلية، لكن لا يمكن تأكيد دورها في ظهور المرض بوضوح.
من جهتها، قدمت البروفيسور شافية دحو مخلوفي، مختصة ورئيسة مصلحة أمراض المفاصل بمستشفى باب الواد شرحا حول أسباب التهاب المفاصل، مشيرة إلى أهمية العلاج المبكر لهذا المرض الذي إذا ما تم إهماله، يمكن أن يُلحق بالمفاصل أضرارا كبيرة قد تتحول إلى إعاقة تمنع المريض من القيام بأبسط النشاطات اليومية، وتبدأ هذه الأضرار في المرحلة الأولى من الإصابة بالمرض، الأمر الذي يعزز ضرورة الشروع في العلاج في أبكر وقت ممكن لمنع تطورها وبلوغها مرحلة تصبح معها غير قابلة للعلاج .

تشخيص التهاب المفاصل الروماتويدي:
قالت البروفيسور مخلوفي، انه من الصعب تشخيص التهاب المفاصل الروماتويدي في مراحله المبكرة؛ لأن الأعراض الأولية تشبه كثيرا أعراض العديد من الأمراض الأخرى.
لا يمكن تشخيص التهاب المفاصل الروماتويدي بطريقة مباشرة عن طريق فحص الدم أو التصوير بالأشعة. الطبيب المتخصص في علاج التهابات المفاصل هو أفضل شخص لإجراء التشخيص الصحيح معتمدا على التاريخ الطبي للمريض، الفحص البدني للبحث عن الأعراض و بعض اختبارات الدم المساعدة.
علاج إلتهاب المفاصل الروماتويدي:
لا يتوفر، حتى الآن، علاج نهائي لمرض التهاب المفاصل الروماتويدي، وإنما يخفف الألم ويمنع تفاقم الضرر.
ويتم اختيار الأدوية على حسب شدة المرض و مدة تطوره، وتشمل عموما:
- أدوية مضادة للروماتيزم لتغيير نمط المرض
- ستيرويدات: أدوية كورتيكوستيرويدية (Corticostéroïdes)، تخفف الالتهاب والألم وتبطئ عملية تلف المفاصل
- أدوية لا ستيرويدية مضادة للالتهاب
- أنَكينرا (Anakinra): دواء مطابق لمادة كيميائية موجودة في الجسم بشكل طبيعي مضادة لمستقبلات الانيترلوكين
- ريتوكسيماب (Rituximab): يقلل من عدد خلايا B في الجسم والتي لها علاقة بالالتهاب
- أباتاسبت (Abatacept): يخفف هذا الدواء من الالتهاب ومن الأضرار في المفاصل الناجمة عن التهاب المفاصل الروماتويدي، بواسطة تعطيل خلايا T (نوع من خلايا الدم البيضاء)
- في الحالات التي تفشل فيها الأدوية في منع، أو إبطاء، الضرر في المفاصل، قد يتم اقتراح إجراء عملية جراحية لإصلاح وترميم المفاصل المتضررة، لمساعدتها على استعادة وظائفها وللتقليل أيضا من الألم وتصليح التشوهات.
خلاصة الملتقى حول سبل التعايش مع التهاب المفاصل الروماتويدي:
الهدف الأساسي من الملتقى الإلكتروني لجمعية FEAS هو دعم وتوجيه المرضى حول كيفية التعامل مع التهاب المفاصل الروماتويدي بشكل يومي، وذلك عن طريق تقديم إجابات مباشرة عبر صفحة الفايسبوك للجمعية من جهة، والتعريف بهذا المرض الالتهابي المزمن من جهة أخرى.
و كشف البروفيسور الهاشمي جودي، رئيس الجمعية الجزائرية لداء المفاصل، أن أمراض الروماتيزم تعرف انتشارا واسعا بين الجزائريين من مختلف الأعمار، مضيفا أنها لم تعد حكرا على كبار السن أو العجزة فقط. كما أعطى العديد من النصائح والتوجيهات بحضور بعض المرضى، التي كانت لهم الفرصة في التعرف أكثر على المرض وطرح بعض الأسئلة على المختصين.
تم خلال الملتقى، تقديم عدة مداخلات من أطباء مختصين منها ما تمحور حول التكفل الأمثل بمرضى التهاب المفاصل، مع تقديم عدة نصائح وتوجيهات فيما يخص العلاج والوقاية. حيث أجمع الأطباء المتدخلون على عدة نقاط:
- إتباع نمط حياة صحي مع الحفاط على النشاط البدني
- الإبتعاد عن داء البدانة المتسبب في جل الأمراض المزمنة
- ممارسةالرياضة والسباحة للحفاظ على صحة العظام
وفي نهاية الملتقى، شدد البروفيسور الهاشمي جودي على ضرورة إراحة المفاصل شديدة الالتهاب لأن الضغط عليها قد يؤدي إلى تفاقم الالتهاب. و تساعد فترات الراحة على تخفيف الألم، كما ينصح باللجوء إلى الفراش ولو لفترة قصيرة بهدف تخفيف حدة الإلتهابات الشديدة.
من المهم أيضا القيام بتمرين المفاصل بحركات منتظمة لمنع تيبّسها و تفادي حدوث ضعف في العضلات القريبة منها.