بعد أن تتم عملية تخصيب البويضة الأنثوية داخل قناة فالوب بواسطة الحيوان المنوي الذكري، تنتقل إلى الرحم و تزرع في جداره أين تواصل انقساماتها و تنمو، لتسجل بذلك بداية رحلة تكوين الجنين. الحمل خارج الرحم أو (الحمل المنتبذ) هو حالة خاصة من الحمل أين لا تنجح البويضة المخصبة في الانغراس في جدار الرحم إنما تحدث هذه العملية في مكان ما خارجه. غالبا تحدث عملية زرع البويضة المخصبة داخل قناة فالوب ويسمى هذا بالحمل الأنبوبي أو البوقي لكن في حالات نادرة يمكن للبويضة أن تنغرس في عنق الرحم، المبيض أو البطن.
لا ينجح الحمل خارج الرحم حتى أنه يشكل خطرا على صحة الأم المستقبلية في حال لم تتلق العلاج في الوقت المناسب.
أعراض الحمل خارج الرحم:
تختلف أعراض الحمل خارج الرحم من امرأة لأخرى فبعض السيدات قد لا تشكو من أي اضطرابات عدا تأخر الحيض، و البعض الآخر قد يعانين من أعراض كثيرة ومزعجة. تشمل الأعراض الأكثر شيوعا ما يلي:
- تأخر الدورة الشهرية وهو ما يدفع المرأة للتفكير في احتمال حدوث حمل و القيام باختبار منزلي
- الشعور بآلام في الجزء السفلي من البطن قد تكون متمركزة في جهة واحدة أو منتشرة في كامل الحوض
- حدوث نزيف مهبلي غير مستقر
- انخفاض ضغط الدم و الإعياء
- لاحقا و إذا حدث تمزق في جدار قناة فالوب قد تعاني المرأة من آلام شديدة أسفل البطن بسبب النزيف الداخلي وآلام في الكتف بالإضافة إلى آلام في المستقيم
في العديد من الأحيان لا تكون أعراض الحمل خارج الرحم واضحة وقد تتشابه مع أعراض بعض الأمراض الأخرى خاصة أمراض الجهاز البولي واضطرابات الجهاز الهضمي، وهو ما يجعل عملية التشخيص صعبة ومعقدة.
أسباب حدوث الحمل خارج الرحم:
غالبا يحدث الحمل خارج الرحم بسبب خلل في عملية انتقال البويضة المخصبة من قناة فالوب إلى داخل تجويف الرحم مما يؤدي إلى انحشارها ونموها داخل القناة ، هذا الخلل يفسر بوجود تلف في جدار القناة أو انسدادها جزئيا. في أحيان أخرى قد يكون وجود تشوهات في البويضة الأنثوية أو اضطراب في الهرمونات الأنثوية هو السبب في حدوث الحمل المنتبذ.
عوامل الخطر:
هناك العديد من العوامل التي تزيد من خطر حدوث الحمل خارج الرحم نذكر منها مايلي:
- المرور بتجربة الحمل خارج الرحم سابقا
- العدوى المنقولة جنسيا مثل عدوى المتدثرة وداء السيلان
- التهاب بطانة الرحم و التهاب البوق
- جراحات الرحم و الحوض مثل الولادة القيصرية وعملية استئصال الزائدة الدودية
- الإصابة بمرض الانتباذ البطاني الرحمي Endométriose
- التدخين
- استعمال اللولب الرحمي حيث يكون الخطر مرتفعا إذا كان اللولب يحرر هرمون البروجيسترون
- العقم وعلاجات الإخصاب في المختبر
- بعض الأدوية مثل حبوب منع الحمل، أدوية الخصوبة و عقار ديستيلبين الذي يستخدم في علاج بعض أنواع السرطان
- تقدم السن
تشخيص الحمل خارج الرحم:
تلجأ المرأة في حالة تأخر الحيض إلى إجراء اختبار منزلي و الذي تظهر نتيجته إيجابية كدليل على وجود الحمل، أما تحديد موقع الجنين فيكون بواسطة جهاز تخطيط الصدى الذي يستخدم الموجات فوق الصوتية في فحص الرحم، المبيضين وقناتي فالوب. وجود كيس جنيني في إحدى القناتين يثبت تشخيص الحمل خارج الرحم.
متابعة تطور مستويات هرمون الجونادوتروبين المشيمي من نوع بيتا قد تكون مؤشرا إضافيا لإثبات تشخيص الحمل المنتبذ، حيث خلال الحمل الطبيعي يتضاعف مستوى الهرمون كل 48 ساعة بينما في حالة الحمل خارج الرحم تكون مستويات الهرمون أقل وترتفع بشكل بطيء أو تبقى ثابتة.
مضاعفات الحمل خارج الرحم:
تستمر البويضة المخصبة بالنمو داخل قناة فالوب و يزداد حجمها حتى لا تعود هذه الأخيرة قادرة على احتوائها مما قد يسبب تمزقا في جدار القناة يصاحبه نزيف داخل جوف الصفاق وآلام شديدة في أسفل البطن، وفي حال لم تتلق المريضة العلاج قد تتفاقم الحالة و تتعرض لصدمة دموية تهدد حياتها.
علاج الحمل خارج الرحم:
يتم اختيار طريقة العلاج المناسبة وفقا لدرجة خطورة الحالة والوقت الذي وضع فيه التشخيص:
العلاج بالدواء:
تستخدم حقنات من دواء اسمه ميثوتريكسيت لعلاج الحمل المنتبذ المبكر في غياب النزيف أو إذا كان النزيف معتدل الشدة بحيث تكون المريضة مستقرة الحالة، يعمل هذا الدواء على منع تكاثر الخلايا الجنينية و تدمير الخلايا الحالية وبالتالي إنهاء عملية نمو الجنين. يتابع الطبيب العلاج ويقيم مدى كفاءته بواسطة اختبار مستوى هرمون الجونادوتروبين المشيمي من نوع بيتا.
العلاج بالجراحة:
قد يكون من الضروري اللجوء إلى الجراحة في بعض الحالات مثل النزيف الشديد أو حالة الصدمة الناتجة عن تمزق جدار قناة فالوب، و تكون تقنية الجراحة بالمنظار هي الخيار المناسب في هذه الحالة. يتم اختيار أحد الإجراءين التاليين وفق خطورة الحالة وكمية النزيف:
- شق قناة فالوب واستئصال الجنين فقط دون استئصال القناة salpingotomie
- استئصال كلي للقناة المصابة مع الجنين الموجود بداخلها salpingectomie
الوقاية من الحمل خارج الرحم:
كيف أتجنب الحمل خارج الرحم؟ هو السؤال الذي تطرحه أغلبية السيدات التي تخطط لإنجاب طفل و تسعى لفهم كيفية تعزيز فرص الحصول على حمل صحي. في الواقع لا توجد طريقة لمنع الحمل خارج الرحم لكن هناك بعض الإرشادات إذا اتبعتها الأم المستقبلية يمكن أن تقلل من خطر حدوث الحمل المنتبذ نلخصها فيما يلي:
- تلقي العلاج المناسب في حالة الإصابة بالتهابات مهبلية مثل السيلان و داء المتدثرة يزيد من فرص الحصول على حمل ناجح وصحي في المستقبل.
- تجنب الأمراض و العدوى المنقولة جنسيا عبر استخدام الواقي الذكري عند الجماع
- الإقلاع عن التدخين
- اتباع إرشادات الطبيب و احترام فترة الانتظار التي ينصح بها في حالة المرور بتجربة الحمل المنتبذ سابقا والتي تتراوح بين 3 و 6 أشهر بعد تلقي العلاج
مستقبل الخصوبة بعد المرور بتجربة الحمل خارج الرحم:
يعتمد مستقبل خصوبة السيدة التي اختبرت تجربة الحمل خارج الرحم على عدة عوامل منها التاريخ السابق و طريقة العلاج. حيث أن فرص الحمل مستقبلا تكون أعلى بعد استخدام دواء ميثوتريكسيت إذا ما قورنت مع الحالات التي تم اللجوء فيها إلى التدخل الجراحي. مع ذلك حتى بعد إجراء جراحة إزالة إحدى قناتي فالوب ما تزال فرصة الحصول على حمل صحي في المستقبل متاحة حيث تحدث عملية الإخصاب في القناة الأخرى، أما في حالة إزالة كلا القناتين فإن الإخصاب في المخبر يعد خيارا متاحا و الذي يتم فيه إخصاب البويضة داخل المختبر ثم تزرع في بطانة الرحم.
يجب الإشارة إلى أن المرور بتجربة حمل خارج الرحم يزيد من خطر حدوثه مستقبلا، لذا يتوجب على المرأة الراغبة في إنجاب طفل زيارة الطبيب بانتظام و احترام فترة الانتظار التي يوصي بها.