القلب والأوعية الدموية

ما الذي يسبب انخفاض ضغط الدم وكيف يجب التعامل معه

قبل الخوض في الاضطرابات سواء ارتفاع أو انخفاض ضغط الدم، على القارئ أن يفهم ماهو الضغط عموما و يفهم الأرقام و دلالاتها دون الدخول في تعقيدات أخرى. الضغط كمصطلح فيزيائي و تعريف رياضي يمثل القوة المطبقة على وحدة مساحة. القوة المطبقة في حالة الضغط الدموي مصدرها القلب. الأرقام الملاحظة تدل بدرجة أولى على كفاءة القلب الذي يعد مضخة الدم في أجسامنا.

الضغط الدموي مؤشر حيوي يساعدنا على أخذ نظرة سريعة على استقرار أو اضطراب الدورة الدموية. ففي قاعة الاستعجالات و في كل المعاينات الطبية يعتبر قياس ضغط الدم أمرا مفروغا منه. يتم قياس الضغط عبر جهاز قياس الضغط الدموي اليدوي أو الإلكتروني و يخضع القياس لشروط معينة لتجنب الأخطاء التقنية.

تتلخص شروط قياس ضغط الدم فيما يلي:

  1. أخذ راحة لمدة خمس دقائق أو أكثر قبل بدء القياس.
  2. يتم القياس في وضعية الجلوس أو الاستلقاء و تجنب كل ما يعيق الدورة الدموية من وضعيات ( مثل وضع رجل فوق رجل …).
  3. تجنب الحديث في الهاتف أو التحدث للطبيب أثناء القياس.
  4. قياس الضغط الدموي مرتين على الأقل للتأكد من الأرقام.
  5. قياس الضغط الدموي في كلتا الذراعين.

من الشائع أن السكري و ارتفاع ضغط الدم مرضا العصر، لكن هناك حالة يكون فيها الضغط الدموي منخفضا أين يستدعي الأمر حسب درجة الاستعجال القيام بإجراءات للحفاظ على استقرار الدورة الدموية و كذلك البحث عن سبب العلة، ويجدر بالذكر أن هناك حالات يكون فيها انخفاض ضغط الدم عاديا والتي يعيش بها الأشخاص حياة طبيعية جدا.

أعراض انخفاض ضغط الدم:

في الواقع يعتبر انخفاض ضغط الدم عرضا من الأعراض و ليس مرضا بحد ذاته، فالحديث عن أعراض هبوط الضغط الدموي لا يصح بشكل أو بآخر. وبما أنه يترافق مع أعراض أخرى فسنذكر الأعراض المرافقة لهذا الخلل -إن كان خللا- باختصار.

من المعروف لدى العامة أن الضغط الطبيعي أو المتوسط لدى الشخص البالغ السليم هو 120/80 مليمتر زئبقي أو 12/8 سنتيمتر مائي.

تطرأ تغيرات طيلة فترة حياة الإنسان على هذان الرقمان، منذ الولادة حتى الشيخوخة. و تلعب عديد العوامل دورا مهما في تحديد الأرقام المتعلقة بالضغط انطلاقا من الجهد البدني إلى حالات التوتر أو تعاطي أدوية معينة.

دون الإطالة أكثر، يُعرف الضغط المنخفض أو انخفاض ضغط الدم بهبوط قدره من 20 إلى 30 مليمتر زئبقي، يكون سواء في الضغط الأقصى و الذي نصفه طبيا بالانقباضي أو في عاميتنا ( ضغط القلب) أو الانبساطي المعروف عامية بضغط الذات.

يصاحب ضغط الدم المنخفض أعراض تختلف حدتها و خطورتها حسب الحالة، و السبب المتخفي وراء الانخفاض الملاحظ، و تتلخص الأعراض في الآتي:

  • دوخة أو إحساس بالدوار و فقدان التوازن ( حسب وصف المريض).
  • إحساس بالتعب و الوهن.
  • فقدان الوعي و كل ما يرافقه من نتائج ( كسور أو إصابات حسب الحالة ).
  • شحوب الجلد.
  • تسارع نبض القلب كاستجابة لضغط الدم المنخفض.
  • رؤية ضبابية.
  • برودة الأطراف.

غالبا ما يشتكي المرضى الذين يصابون بانخفاض ضغط الدم من إحدى الأعراض السابقة الذكر. كما ذكر أعلاه فضغط الدم المنخفض له أسبابه أو أمراضه، و كل سبب سيكون له أعراض معينة قد تضاف إلى ما تم كتابته.

أسباب انخفاض ضغط الدم:

قد يختلف الوصف السريري لطبيعة الانخفاض، فهناك المرتبط بالوضعية أو الساعة البيولوجية أو حتى أخذ وجبة غذائية، تماما كوصف الحمى أو السعال و الألم، حيث يمتلك كل عرض وصفا محددا يشير بطريقة تقريبية للعلة.

الحالات المرضية التي يرافقها انخفاض في الضغط الدموي:

تتمثل بعض الحالات المرضية في:

  • فشل  القلب و العديد من أمراض و اضطرابات هذه العضلة، فهي مصدر الزخم للدورة الدموية، فكل ما قلت كفاءتها تم ملاحظة انخفاض ضغط الدم أو عدم استقراره.
  • اعتلالات الجهاز العصبي التي تتحكم في انقباضات القلب لا إراديا (و هذا ما يزيد عدد الحالات المرضية المسببة له، فالرعاش و غيره من الأمراض العصبية تصبح ضمن اللائحة).
  • أمراض الكلى أو الغدة الكظرية: فالاثنان يلعبان دورا مهما في تنظيم ضغط الدم من خلال آليات فيزيولوجية معينة، فمثلا نظام الرينين-انجيوطونسين-الدوستيرون إحدى مفاتيح فهم آليات التحكم في الضغط الدموي.
  • سوء التغذية.
  • خسارة سوائل الجسم (الجفاف، النزيف، الحروق).
  • فقر الدم.
  • انخفاض حرارة الجسم (الجو البارد أو حالات تسمم معينة).
  • بعض أمراض الغدد الصماء.
  • حالات الصدمة بكل أسبابها ( صدمة الاستجابة التحسسية، حالة الصدمة القلبية، صدمة بسبب نزيف حاد).

انخفاض ضغط الدم الانتصابي:

لا يمكن التحدث عن كل الأمراض في مقال واحد، إلا أنه يجب ذكر انخفاض ضغط الدم الانتصابي أو الوضعي كحالة استثنائية هنا. فهذه الحالة الشائعة عند كبار السن و أحيانا الشباب و المتعلقة بانخفاض ضغط الدم المفاجئ عند التغيير من وضعية الاستلقاء أو الجلوس إلى الوقوف، أو عند تبني وضعية الوقوف لفترة طويلة.

تتمثل مسببات هذه الحالة الخاصة من انخفاض الضغط الدموي بالترتيب في:

  • التقدم في السن.
  • السكري.
  • انخفاض ضغط الدم الأساسي (بدون سبب معين ) .
  • الأدوية المخفضة لضغط الدم.
  • أمراض المناعة الذاتية.
  • أمراض الجهاز العصبي و فشل التحكم اللاإرادي في وظائف الجسم.

الأدوية:

الأدوية و النظام الغذائي يلعبان دورا هاما في رسم أرقام الضغط الدموي. لا يخفى عن كثير منا أثر الثوم مثلا أو مدرات البول كعوامل تؤدي إلى خفض الضغط الدموي. على سبيل الذكر:

  • أدوية بيتابلوكرز  bêta-bloquants
  • مضادات العصاب أو القلق anxiolytiques
  • مضادات الذهان antipsychotiques
  • مدرات البول diuritiques
  • مضادات الاكتئاب antidépresseurs
  • أدوية ضد الحساسية.
  • الخلطات العشبية العشوائية ( من المحتمل أن تكون سببا نظرا للاستعمال الغير مدعم بدراسات عن تلك الخلطات ).

مضاعفات و أخطار هبوط ضغط الدم:

قد لا يكون ضغط الدم المنخفض مؤشرا على المرض أو الخطر بقدر ماهو مؤشر على سلامة الشخص أحيانا، فالرياضيون و من يتبعون نمط حياة صحي معين قد يعيشون بأرقام ضغط منخفضة نسبيا. لكن في الحالات المرضية يمكن أن يتسبب الانخفاض المفاجئ أو التدريجي لعواقب تجعل من زيارة الاستعجالات أمرا يحول بين حياة الشخص و موته أحيانا ( حالات الانهيار أو الصدمة état de choc ).

يؤثر الضغط المنخفض على حياة بعض الأشخاص مما يجعلهم يمتنعون أو يتجنبون القيام بمهام اعتيادية، فانخفاض الضغط الانتصابي على سبيل المثال يعيق بعض الأشخاص من القيام بوظائف معينة.

قد يؤدي الضغط المنخفض إلى مضاعفات تمس بأنسجة الجهاز العصبي المركزي أو عضلة القلب و الكلى، و تختلف شدة التأثر بحدة الانخفاض و درجته. فالانخفاض المفاجئ قد يتسبب في تلف أنسجة المخ و معاناتها نتيجة نقص الإمدادات بالأكسجين و قد يؤدي أيضا لفشل كلوي وظيفي حاد.

بعض الدراسات أثبتت وجود صلة بين انخفاض الضغط الدموي الانتصابي و نسبة ظهور مضاعفات كالسكتة الدماغية.

علاج انخفاض ضغط الدم:

لابد من علاج أسباب الانخفاض في الحالات الغير استعجالية أو التركيز على استقرار الضغط الدموي و كفاءة الدورة الدموية في الحالات المستعجلة، ثم الاهتمام بالعلاج الفعلي للأسباب.

وسائل العلاج عبارة عن وضعيات أو تعليمات يتبعها المريض إذا أحس بأعراض معينة كالدوخة و غيرها و تصل إلى التدخل الدوائي أو الجراحي حسب السبب. على سبيل المثال:

  • وضعية الاستلقاء مع رفع الأطراف السفلية:  تساعد هذه الوضعية على تحفيز الدم الموجود في الأوردة السفلية على الرجوع إلى القلب و بالتالي زيادة حجم الدم الذي يتم ضغطه.
  • الجوارب الضاغطة
  • تجنب المسببات القابلة للتجنب كالأدوية الغير ضرورية أو تعديل جرعتها.
  • الإمدادات بالسوائل: في حالة الجفاف و ما شابهها من فقدان السوائل عبر التعرق أو التبول المتكرر بسبب الأدوية أو حالات مرضية كالسكري أو الإسهال الحاد
  • المحاليل الطبية الفيزيولوجية: تستخدم مختلف المحاليل الفيزيولوجية لإعادة الضغط الدموي لحالة طبيعية في الحالات اللازمة كحالات الصدمة أو الجفاف.
  • الأدوية: الكثير من الأدوية تساهم في رفع ضغط الدم عبر التدخل في الآليات المعدلة له. فبعض الأدوية تعمل كمحفز لانقباضات القلب كالديغوكسين Digoxine المستعمل في حالة فشل القلب، و الأدرينالين و الجزيئات المشابهة له تساعد على رفع الضغط الدموي (خاصة في حالة الاستعجالات). بعض الأدوية القريبة من الكورتيزون و التي تحفظ السوائل و الأملاح داخل الدورة الدموية يمكن أن تساعد في حالات انخفاض ضغط الدم الانتصابي، لكنها لا تزال قيد التجريب و لا تملك الإثبات العلمي الكافي لسلامة أو ضرورة استعمالها كحل لهذه الحالة.
  • الجراحة: كحالة قصور عضلة القلب التي تصبح غير قادرة على توليد الضغط اللازم لإمداد الأعضاء بالدم الكافي.

 

المصدر
دراسة: فعالية الثوم لخفض ضغط الدم لدى الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم، تحسين مشكلة تصلب الشرايين وميكروبات الأمعاءالبروفيسور دينيس كليمون عن الجمعية الأوروبية لطب القلب: انخفاض ضغط الدم
اظهر المزيد

Dr Litim Mounir

طبيب عام، مساهم بعدة مقالات في مجلة العلوم الحقيقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى