الدم هو السائل الحيوي الذي يجري في أجسامنا، والذي يضخ الحياة فيها. مساره الأساسي هو الشرايين والأوردة، كما أنه ينتقل إلى سائر الأعضاء لتغذيتها بالأوكسيجين ومختلف المغذيات الضرورية. يختلف دم كل شخص عن الآخر حسب انتمائه إلى عائلة دموية معينة تدعى فصيلة الدم. يتكون الدم عموما من عدة مكونات أساسية تتمثل في:
- البلازما (المصل): تشكل الجزء السائل من الدم، تتركب من الماء والبروتينات والأملاح والسكريات.
- كريات الدم الحمراء: هي المسؤولة عن إعطاء الدم لونه الأحمر، تأخذ نسبة 40-45% من حجم الدم.
- كريات الدم البيضاء: تلعب دورا محوريا في الدفاع عن الجسم، ومحاربة العدوى.
- الصفائح الدموية: لها دور مهم يتمثل في منع النزيف والتحكم به.
ما هي فصيلة الدم؟
يمتلك كل إنسان فصيلة دم تميزه عن غيره، تنتقل إليه عن طريق الجينات المتوارثة عبر الأجيال. يتم تحديد نوع الزمرة بالاعتماد على نوعين من الأنظمة، نظام (ABO) الذي يقسم الزمر الدموية إلى أربعة أنواع:
- الزمرة A
- الزمرة B
- الزمرة AB
- الزمرة O
يتم التفريق بين هذه الزمر عن طريق وجود أو غياب بروتينات تدعى المستضدات (Antigènes) وكذلك الأجسام المضادة (Anticorps)، والمستضد هو كل مادة قادرة على إثارة استجابة مناعية في الجسم. تتواجد المستضدات على أسطح الكريات الحمراء، بينما تتواجد الأجسام المضادة في بلازما الدم، ولها نوعان A و B.
النظام الثاني يتمثل في النظام الرايزيسي (System Rhésus)، حيث أن وجود المستضد الرايزيسي D (توجد أنواع أخرى من المستضدات: c ،e ،E ،C) على أسطح الكريات الحمراء يشير إلى أن الزمرة موجبة (+)، بينما غيابه يشير إلى أن الزمرة سالبة (-). الجينات المسؤولة عن وجود المستضد D تتواجد في الكروموسوم 1.
توجد عدة أنظمة أخرى لتحديد الزمر الدموية، لكن يعتبر النظامان (ABO) و (RH) الأكثر اعتمادا.
أنواع الفصائل الدموية:
كما ذُكر سابقا، توجد أربعة أنواع للزمر الدموية بالاستناد إلى نظام (ABO)، و تحدد الزمر حسب غياب أو وجود المستضدات A و B على أسطح خلايا الدم الحمراء والأجسام المضادة في البلازما (المصل).
- الزمرة :A يتواجد على سطح الكريات الحمراء المستضد A ، بينما يحتوي المصل على الأجسام المضادة B.
- الزمرة B: يتواجد على سطح الكريات الحمراء المستضد B، بينما يحتوي المصل على الأجسام المضادة A.
- الزمرة :AB يتواجد على سطح الكريات الحمراء كل من المستضدين A و B، بينما لا يحتوي المصل على أية أجسام مضادة.
- الزمرة O: لا يحتوي سطح كريات الدم الحمراء على أي مستضد، في حين أن المصل يحتوي على الأجسام المضادة A و B .
بالاستناد إلى نظام (RH)، يصبح عدد الزمر الدموية ثمانية زمر، حيث أن لكل زمرة صيغتين، سالبة أو موجبة. نذكرها كالتالي:
- الزمرة A+
- الزمرة A-
- الزمرة B+
- الزمرة B-
- الزمرة AB+
- الزمرة AB-
- الزمرة O+
- الزمرة O-
هل هناك فصيلة دم نادرة؟
تعتبر الفصيلة الدموية نادرة إذا كانت خالية من المستضدات الموجودة لدى غالبية الأشخاص.
يختلف توزيع الزمر الدموية عبر العالم نظرا لأن الجينات هي العامل المتحكم في تحديد نوع الفصيلة الدموية، وتعتبر الزمرة الدموية AB- إحدى الزمر النادرة عالميا. في حين أن الزمرة O تعتبر أكثر شيوعا، كما أن الزمر ذات العامل الرايزيسي السالب (RH-) تعتبر أكثر ندرة مقارنة بالزمر الموجبة.
لماذا يجب أن تتعرف على نوع زمرتك الدموية؟
من المهم جدا على كل شخص أن يتعرف على فصيلة دمه، حيث أن التعرف عليها شرط أساسي للتبرع أو نقل الدم (transfusion).
إن حدوث عدم توافق بين زمرتين أثناء نقل الدم قد يؤدي إلى حدوث استجابة مناعية خطيرة يقوم فيها الجسم بمهاجمة ما يعتبره غريبا عنه ويبدأ بتدمير كريات الدم الحمراء المنقولة إليه. تدعى هذه الظاهرة بتفاعل الدم الانحلالي (réaction hémolytique) وتتمثل في ارتباط الأجسام المضادة بالمستضدات الموجودة على أسطح الكريات الحمراء.
توجد حالات أخرى تستوجب معرفة نوع فصيلة الدم، مثل زرع الأعضاء، إجراء عملية جراحية، أو عند تعرضك لحادث مسبب للنزيف أو أمراض أخرى تتطلب نقل الدم مثل فقر الدم الحاد.
كما أن تحديد الفصيلة الدموية مهم أثناء الحمل، حيث قد تحصل حالة طبية تعرف بانحلال الدم الوليدي، نتيجة عدم توافق زمرة الأم والجنين، وقد تؤدي هذه الحالة إلى تعرض الجنين إلى مضاعفات من بينها فقر الدم.
توافق الزمر الدموية
في حالة احتياج شخص ما إلى نقل الدم، يتم أولا تحديد زمرته (المُستقبِل) و زمرة المتبرع (المُعطي)، إذ يعتبر هذا أمرا ضروريا لضمان عملية نقل آمنة، ولتفادي حدوث المضاعفات الخطيرة.
تتوافق الزمر حينما لا يتم حدوث إرتصاص (أو ارتباط) بين الأجسام المضادة والمستضدات. تبعا لذلك، تم تحديد الزمر المتوافقة كالتالي:
- الزمرة +A: تعطي للزمر +A+ ،AB، وتستقبل من -A+ ،A- ،O+ ،O
- الزمرة -A: تعطي للزمر -A+ ،A- ،AB+ ،AB، وتستقبل من -A- ،O
- الزمرة +AB: تعطي للزمرة AB+، وتستقبل من جميع الزمر.
- الزمر -AB: تعطي للزمر -AB+ ،AB، وتستقبل من -O
- الزمرة +B: تعطي للزمر +AB+ ،B، وتستقبل من -B+ ،B- ،O+ ،B
- الزمرة -B: تعطي للزمر +B- ،B+ ،AB- ،AB، وتستقبل من -B- ،O
- الزمرة +O: تعطي للزمر +O+، B+ ،A+ ،AB، وتستقبل من +O- ،O
- الزمرة -O: تعطي لجميع الزمر، وتستقبل من الزمرة -O
- تعتبر الزمرة -O معطي عام، بينما تعتبر الزمرة +AB آخذا عاما.
كيف يتم التعرف على فصيلة الدم؟
يتم التعرف على الزمرة الدموية أو فصيلة الدم بواسطة إجراء فحص دموي، حيث يتم سحب عينة دموية من الوريد و وضعها في أنبوب إختبار، أو عن طريق وخز إصبعك بإبرة.
يتم فحص العينة بعدة تقنيات مختلفة، منها تقنية تهدف إلى تحديد تواجد المستضدات A و B على أسطح كريات الدم الحمراء وتعرف بإسم إختبار (Beth Vincent)، حيث تتم إضافة مضاد A- ومضاد B- للعينة ومراقبة حدوث التراص (agglutination) أو عدم حدوثه.
توجد طريقة أخرى تعرف بإختبار (Simonin) تهدف لتحديد وجود أو غياب الأجسام المضادة A/B في البلازما، تتم عن طريق إضافة البلازما إلى كريات الدم الحمراء.
يتم أيضا إختبار وجود المستضد RH عن طريق إضافة مضاد D- لعينة الدم لتحديد إن كانت الزمرة سالبة أم موجبة، حدوث التراص يعني أن الزمرة موجبة، وعكسه يعني أنها سالبة.
قبل التبرع بالأعضاء أو بالدم، يتم عمل إختبار مهم يدعى (Cross-match)، حيث يتم خلط كريات الدم الحمراء للمُعطي مع مصل المُستقبِل، ومراقبة النتائج، لمعرفة إمكانية النقل ونسبة التوافق بين الشخصين.
توجد عدة تقنيات أخرى مختلفة للتعرف على نوع فصيلة الدم، لكن تعتبر الطرق السابقة الأكثر شيوعا وإستخداما.
العلاقة بين فصيلة الدم والتعرض لبعض الأمراض:
أظهرت بعض الدراسات وجود إرتباطات بين نوع فصيلة الدم والتعرض لبعض الأمراض، حيث أن غياب أو وجود المستضدات والأجسام المضادة A/B في الدم يؤثر على القدرة الدفاعية للجسم ضد الإلتهابات والعدوى. أظهرت هذه البحوث أن أصحاب الزمرة O هم الأكثر عرضة للإصابة بمرض السل، الكوليرا، الجدري، والإلتهابات الحادة، وكذلك قرحة المعدة، عكس أصحاب الزمر الأخرى. أصحاب الزمرة B معرضون لمرض السيلان، الإشريكية القولونية السالمونيلا وغيرها.
أما أصحاب الزمرA/AB معرضون للإصابة بداء القلب الإقفاري (نقص تروية القلب cardiopathie ischemique)، والجلطات الدموية، وخطر الإصابة بسرطان البنكرياس والمعدة، مرتفع عند الزمر A ،B ،AB مقارنة بالزمرة O.
التحري حول العلاقة بين نظام ABO وارتفاع نسبة التعرض لبعض الأمراض ما يزال قائما من طرف الباحثين والعلماء، لإعطاء نتائج أكثر دقة وتأكيدا لتلك الدراسات.