يمثل التلقيح (أو التطعيم) أفضل طريقة للوقاية من بعض الأمراض المعدية التي قد تصيب الإنسان، و تعمل اللقاحات كدرع يحمي الجسم من الهجمات الفيروسية و البكتيرية عن طريق تحضير جهاز المناعة للدفاع عن نفسه. هناك العديد من الأمراض المعدية والتي قد تشكل خطورة فائقة على الصحة العامة مثل: السل (tubeculose)، الحصبة (rougeole)، إلتهاب السحايا (meningite)، السعال الديكي (coqueluche)، شلل الأطفال (poliomyélite).
يرتكز مبدأ التطعيم على تحضير جهاز المناعة داخل الجسم للتصدي لهجمة فيروسية عن طريق حقن العامل المعدي (فيروس أو بكتيريا) أو جزء منه لكن منزوع الضراوة بحيث يعمل على تحفيز المناعة فقط دون إحداث ضرر. وبالتالي، يطور الجهاز المناعي ذاكرة ضد العدوى المحتملة تسمح له بمقاومتها بشكل أسهل مستقبلا.
و بفضل التلقيح، أصبح الإنسان قادرا على الوقاية من 28 مرضًا معديًا كالإنفلونزا الموسمية و الجدري (variole).
كيف تدخل الفيروسات إلى جسم الإنسان؟
- الإتصال المباشر: يدخل العامل المعدي إلى الجسم عن طريق بوابة محددة : الأنف، الأذن، الحنجرة أو العينين (مثل الحصبة الألمانية rubéole)، الفم (مثل فيروس التهاب الكبد أ hepatite A و التيفوئيد typhoïde)، الجلد (مثل الجرب gale)، جرح جلدي (مثل داء البريميات leptospirose و داء الكلب rage) و الأغشية الجنسية (مثل السيدا VIH و فيروس التهاب الكبد ب hepatite B)
- اللعاب: يتواجد العامل المعدي في اللعاب أو الجهاز التنفسي و ينتقل عبر السعال أو الكلام (مثل الإنفلونزا grippe و الدفتيريا diphtérie)
- الهواء المحيط: قد ينتقل العامل المعدي عبر الهواء كقطرات جافة أو مع الغبار و يتم استنشاقها، مثل السل tubeculose، الحماق أو جدري الماء varicelle، الحصبة rougeole
- ناقل حي: قد ينقل البعوض مثلا العديد من الفيروسات مثل الملاريا paludisme
ماهي اللقاحات الإجبارية في جدول التطعيم في الجزائر؟
لطالما كان برنامج التطعيم أحد الاهتمامات الرئيسية لوزارة الصحة في الجزائر، و يعتبر التلقيح حقا من حقوق المواطن و يشمل التطعيمات ضد الأمراض الفيروسية و البكتيرية التالية:
- السل tuberculose
- إلتهاب الكبد الفيروسي Hépatite B
- شلل الأطفال poliomyélite
- الحصبة rougeole
- الحصبة الألمانية rubéole
- النكاف (إلتهاب الغدة النكفية) oreillons
- الدفتيريا (الخناق) diphtérie
- الكزاز tétanos
- السعال الديكي coqueluche
- هيموفيلوس انفلونزا من النوع ب Hemophilus influenzae type b
لماذا يستمر التطعيم ضد الأمراض المعدية التي اختفت (أو تبدو بأنها اختفت)؟
- معظم الميكروبات التي تتسبب في هذه الأمراض لازالت موجودة و تظل تشكل خطرا على الأشخاص غير المحميين بالتطعيم. ظهور حالات جديدة ولو قليلة قد يؤدي إلى انتشار الوباء وسط السكان إذا لم تتم حماية الأغلبية بالتطعيم
- لا يوجد لقاح يحمي 100% و سيكون هناك دائما أشخاص غير محصنين حتى ولو تلقوا اللقاح. حماية هؤلاء تتم عبر تلقيح الجميع للحد من انتشار الأمراض
- قد لا يستطيع البعض أخذ اللقاح بسبب حساسية أو مرض معين يمنعهم من تلقي التطعيم، لذلك من الضروري أن يكون الذين من حولهم محصنين ضد الأمراض المعدية لكي لا ينقلوها إليهم
- لا تزال بعض الأمراض الغير موجودة في بلادنا منتشرة في بلدان أخرى و السفر إليها قد يعيد المرض وبالتالي وجب التحصين ضدها
أليس من المبكر تطعيم رضيع في الشهر الثاني من العمر؟
عند الولادة يكون الطفل محميا بالأجسام المضادة الخاصة بأمه لكنه سرعان ما سيفقد الحماية و سيستغرق الأمر سنوات حتى يصبح جهاز المناعة لديه فعالابالكامل. و قد يواجه الطفل عدة أمراض معدية مبكرا مثل التهاب السحايا الذي يتسبب فيه مثلا فيروس هيموفيلوس انفلونزا من النوع ب أو فيروس pneumocoque المسبب لذات الرئة (إلتهاب رئوي pneumonie) و الذي قد يكون قاتلا.
ألا يضعف التلقيح جهاز المناعة خاصة عند تلقي عدة لقاحات دفعة واحدة؟
لتسهيل برنامج التطعيم، يتم الجمع بين العديد من اللقاحات، و أثبت الدراسات أن الإستجابة المناعية ضد الأمراض تبقى رغم ذلك فعالة سواء عند الأطفال أو البالغين.
تلقي اللقاح عدة مرات (عندما يكون ذلك ضروريا) أيضا ليس خطيرا بل بالعكس، فجهاز المناعة مصمم ليكون قادرا على التحفيز بشكل متكرر دون تقليل فعاليته.
هل يمكن تلقيح الأشخاص المصابين بالحساسية؟
لا ينبغي إجراء التطعيم على أشخاص يعانون لحظتها من نوبة حساسية و يجب انتظار تعافيهم قبل تلقي اللقاح. يجب دائما مراجعة الطبيب و استشارته قبل أي تطعيم.
ردود الفعل التحسسية اتجاه اللقاح التي تحدث عند الأطفال لا تمنع التطعيم (باستثناء لقاح السل BCG خلال نوبة الإكزيما eczema).
هل يمكن الإصابة بالمرض حتى ولو تلقيت اللقاح؟
ليس هناك لقاح يحمي 100% و سيكون هناك عدد قليل من الأشخاص قد لا يستجيبون بفعالية للقاح و ذلك غالبا لأسباب وراثية. وإذا تم تطعيم جميع السكان فستتم حماية هؤلاء الأفراد لأن الفيروس لن يكون قادرا على الإنتشار. عملية التطعيم فعالة على المستوى الفردي و كذلك الجماعي.
لماذا يرفض بعض الآباء تطعيم أبنائهم؟
فقد بعض الناس وعيهم بخطر الإصابة بالأمراض المعدية لأن بعض هذه الأخيرة أصبحت نادرة. لكن الحالات التي تحصل يمكن أن تكون خطيرة وحتى قاتلة. قد يتسبب مثلا التهاب الغدة النكافية (oreillons) في صمم دائم لبعض الأطفال، كما قد تسبب الحصبة الألمانية تشوهات جنينية عند الإصابة بها أثناء فترة الحمل. و تشير التقارير إلى العديد من حالات الوفاة بالكزاز tétanos خاصة كبار السن الذين لم يتلقوا إعادة التلقيح كل عشر سنوات كما ينص جدول التطعيم الوطني.
إذا لم يتم الحصول على اللقاح ثم حدثت العدوى بالفعل فهل سيكون الوقت متأخرا لتلقي التطعيم؟
إذا كنت مريضا بالفعل فقد فات الأوان لتلقي اللقاح. لكن هناك بعض الإستثناءات، فلقاح داء الكلب la rage قد ينقذ طفلا تعرض لعضة كلب مصاب بالفيروس قبل أن يصل هذا الأخير إلى المراكز العصبية للطفل، و ذلك بتحفيز الخلايا المناعية لقتل الفيروس قبل اندلاع المرض.
أما بالنسبة لداء الكزاز tétanos و الدفتيريا diphtérie فيمكن حقن أجسام مضادة تقضي على السموم التي تنتجها البكتيريا. هذا ما يسمى بالتطعيم “السلبي” (يسمى أيضا التمنيع).