اضطراب قصور الغدة الدرقية، اضطراب متفشي وشائع، لكن يمكن التعايش معه في حال التشخيص المبكر، تحديد سببه ومن ثم علاجه بالإضافة إلى تحسين بعض عادات الحياة اليومية للشخص المصاب.
ماهي الغدة الدرقية:
تمثل الغدة الدرقية إحدى أهم الغدد الصماء، نظرا لدورها الفعال في تنظيم جسم الإنسان وهذا عن طريق الهرمونات التي تفرزها خلايا متخصصة تحت تأثير إفرازات الغدة النخامية الأمامية للدماغ.
تتموضع الغدة الدرقية على المستوى الأمامي للرقبة حيث تتوسط هذه الأخيرة ويمكن وصفها على أنها تأخذ شكل فراشة مفرودة الجناحين ذات لون بني محمر. ويجدر الذكر بأن حجم الغدة قابل للتغير في حالات فيزيولوجية طبيعية مثل الحمل والبلوغ.
ما هو قصور الغدة الدرقية؟
قصور الغدة الدرقية (ويسمى أيضا خمول الغدة الدرقية) أو ما يعرف بخمول أو كسل الغدة الدرقية هي حالة تكون فيها الغدة الدرقية غير قادرة على إنتاج الكمية اللازمة من الهرمونات الدرقية والتي يحتاجها الجسم حتى يكون في حالة توازن.
أسباب خمول الغدة الدرقية:
خمول الغدة الدرقية اضطراب ناتج إما عن خلل يصيب بشكل مباشر الغدة الدرقية، ما يمثل قصور الغدة الدرقية الأساسي، أو بشكل غير مباشر ما يعرف بقصور الغدة الدرقية الثانوي. وبذلك تتعدد الأسباب كما يأتي:
• أمراض المناعة الذاتية: وأكثرها شيوعا هي التهاب هاشيموتو ( Thyroïdite d’Hashimoto ) حيث ينتج هذا الخلل عن مهاجمة الجهاز المناعي لأنسجة الغدة الدرقية، ما يتسبب في موت خلايا الغدة وتوقفها عن إنتاج الهرمونات.
• التهاب الغدة الدرقية: الذي قد يسبب قصورا مؤقتا أو دائما.
• استئصال الغدة الدرقية كاملة أو جزئيا.
• التعرض للعلاج الإشعاعي: في إطار علاج بعض سرطانات الرأس والرقبة.
• استهلاك أدوية: مثل الليثيوم المستخدم في علاج بعض الاضطرابات النفسية، الأميودارون، إنترفيرون ألفا..
• فرط استجابة الجسم لعلاجات فرط نشاط الدرقية
• الاستهلاك المفرط لليود: حيث أن جرعات مفرطة من هذه المادة يتسبب في تأثير عكسي.
• الحمل: غالبا ما يصيب النساء اللواتي يعانين من مرض هاشيموتو.
• قصور الغدة الدرقية ما بعد الولادة أو ما بعد الإجهاض: عادة ما يظهر بعد الشهر الثالث، في أغلب الأحيان يكون قصورا مؤقتا، لكن يوجد احتمال 20% أن يصبح قصورا دائما.
• خمول الغدة الدرقية الخلقي: يعد سببا نادرا فهو ينتج عن خلل في تكوّن الغدة الدرقية أثناء مراحل التطور الجنيني.
• اضطرابات الغدة النخامية للدماغ: يطلق على هذه الحالة قصور الغدة الدرقية الثانوي حيث أن الخلل لا يمس بشكل مباشر الغدة الدرقية إنما يمس الغدة النخامية للدماغ والمسؤولة عن تنظيمها.
• نقص اليود في الجسم: حيث يعتبر مادة أساسية لإنتاج هرمونات الغدة الدرقية.
عوامل الخطر:
قصور الغدة الدرقية اضطراب شائع يمكن أن يصيب أي شخص، لكن توجد بعض العوامل التي قد تزيد نسبة الإصابة بهذا الاضطراب والتي تتمثل فيما يأتي:
• تقدم العمر خاصة فوق سن الـ 50.
• الجنس الأنثوي.
• تاريخ مرضي شخصي أو عائلي يخص الإصابة بأمراض الغدة الدرقية.
• أمراض المناعة الذاتية.
• العلاج الإشعاعي على مستوى الرقبة.
• الجراحة الجزئية للغدة الدرقية.
• الحمل أو الولادة خلال آخر 06 أشهر.
أعراض قصور الغدة الدرقية:
تتجلى أعراض قصور الغدة الدرقية في عدّة علامات، نظرا للدور للهام الذي تلعبه هرمونات الدرقية داخل الجسم. يمكن أن تشمل الأعراض مايلي:
• التعب والإعياء.
• حساسية اتجاه البرد.
• الشعور المفرط بالنعاس.
• زيادة الوزن.
• انتفاخ الوجه.
• الاكتئاب.
• جفاف الجلد والشعر.
• شحوب الوجه.
• الإمساك.
• انخفاض الشهية.
• النسيان واضطرابات الذاكرة.
• صعوبة التركيز.
• بحة الصوت.
• تعرق في كفتي اليدين.
• غزارة نزيف الحيض لدى النساء مع عدم انتظام الدورة الشهرية.
• ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم.
• ضعف العضلات.
• آلام بالمفاصل أو تيبسها أو تورمها.
• تباطئ ضربات القلب.
• ارتفاع ضغط الدم.
• تضخم حجم الغدة الدرقية.
• فقر الدم.
كيف يمكن تشخيص المرض؟
ظهور أحد الأعراض السابق ذكرها لا يُمكّن وحده من تأكيد تشخيص اضطراب قصور الدرقية. فإضافة إلى الفحص السريري الدقيق يجب الاستناد إلى تحاليل وفحوصات متخصصة لأجل التأكيد أولا ثم لتحديد السبب. وبالتالي تحديد العلاج المناسب:
- التحاليل البيولوجية: تهدف إلى تحديد نسبة هرمونات ومواد معينة في الدم أو البول:
- تحليل نسبة الهرمون المنبه للدرقية TSH في الدم.
- نسبة هرمون التيروكسين T4 في الدم.
- تحليل نسبة الأجسام المضادة من نوع AC ANTI TPO.
- نسبة اليود في الدوم وفي البول.
كما يمكن إجراء تحاليل لتحديد مدى تأثير الاضطراب على الجسم: - نسبة الدهون: الكوليسترول، تري غليسيرين، HDL
- انخفاض نسبة الصوديوم.
- ارتفاع حمض يوريك في الدم.
- ارتفاع نسبة البرولاكتين.
- تحليل FNS للكشف عن فقر الدم.
- التصوير بالأمواج فوق الصوتية (Echographie) لتحديد الخصائص الصورية للغدة.
- اختبار امتصاص الغدة الدرقية والمسح الضوئي (scintigraphie thyroïdienne).
- خزعة بالإبرة (cytoponction) حيث يقوم الطبيب المختص بأخذ عينة باستعمال إبرة فقط، بهدف إجراء تحليل نسيجي وتحديد أنواع وخصائص الخلايا المتواجدة.
علاج قصور الغدة الدرقية:
يتمثل مبدأ علاج خمول الدرقية في تعويض نسبة نقص الهرمونات الدرقية المفرزة وذلك عن طريق أدوية بديلة:
- دواء الليفوتيروكسين LT4 : متوفر على عدة أشكال مثل الحبوب، الكبسولات، القطرات و سائل للحقن. كما يتوفر بجرعات مختلفة: 25، 50، 75، 100و 150 ميكرو غرام، حيث يقوم الطبيب بوصف الجرعة على حسب احتياجات المريض، و الأخذ بعين الاعتبار جنسه و عمره، إضافة إلى المضاعفات التي يعاني منها و نوع الخمول المصاب به.
يجدر التنويه بضرورة احترام الجرعة المحددة والالتزام بها يوميا، في نفس التوقيت ويفضل صباحا وهذا لتلبية احتياجات الجسم. كذلك لا يمكن للمريض أن يزيد من الجرعة دون استشارة الطبيب حتى لا يقع في خطر الجرعات الزائدة التي قد تؤدي إلى ظهور أعراض اضطراب فرط نشاط الدرقية. - دواء الايتيرال : مزيج من LT3+LT4 بجرعتي 100 + 20 ميكرو غرام بالترتيب و هو أقل استعمالا.
يتوجب دوريا مراقبة مدى فعالية و نجاعة الدواء الموصوف من خلال قياس نسبة هرمونات الدرقية، أو الهرمون المنبه للدرقية، و هذا يعتمد على نوع الخمول.
نصائح للمصاب باضطراب قصور الغدة الدرقية:
إضافة إلى الانضباط في تناول الأدوية الموصوفة من طرف الطبيب، والحرص اتباع التعليمات والمراقبة المستمرة من خلال زيارات منتظمة مرفوقة بتحاليل دورية، يتوجب على المريض تحسين نمط حياته اليومية، خاصة الانتباه إلى نظامه الغذائي. فقد ثبت علميا مدى تأثير هذه التفاصيل على كيفية تطور الاضطراب:
- الانتباه إلى استهلاك بعض الخضراوات مثل اللفت والملفوف لأنها تثبط من إنتاج الهرمونات الدرقية.
- التقليل قدر الإمكان من استهلاك المواد التي تمنع امتصاص اليود وبالتالي نقص إفراز الهرمونات، نذكر منها:
- الخردل.
- السبانخ.
- البروكلي.
- الفجل.
- بذور الكتان.
- البطاطا الحلوة.
- بعض الفواكه كالفراولة والخوخ.
- فول الصويا ومشتقاته.
- المكسرات مثل الصنوبر، اللوز والفول السوداني.
- تناول الأطعمة الغنية بالسيلينيوم الذي يعتبر عنصرا هاما لوظيفة الغدة الدرقية، حيث يمكن أن نحصل عليه من خلال الاستهلاك المعقول للدجاج، السمك خاصة سمك السلمون، البصل، الثوم والعسل الأسود.
- الاستهلاك المعقول للأطعمة الغنية بالتيروسين مثل الألبان، البروتينات الحيوانية والموز.
- الحصول على الكمية الكافية من اليود الذي تشتمل عليه الأعشاب البحرية، ملح البحر وملح المائدة.
- ممارسة الرياضة بانتظام في حدود المعقول.
- المحافظة على وزن صحي.
- الحصول على قسط كاف من النوم.