عند ظهور أعراض متعلقة بالجهاز الهضمي أو البولي، يتزايد الانزعاج أو الحرج المتعلق بهكذا إضرابات. و يتزايد ربما القلق إذا ظهرت أعراض غير اعتيادية و لمدة طويلة مقارنة بالإضرابات الحادة الشائعة الحدوث. ظهور الدم في البراز مثلا أو الاستعمال المتكرر للمرحاض نتيجة إسهال أو إحساس كاذب لضرورة قضاء الحاجة قد يكون عرضا يدعو للقلق عند المصاب به. لا شك في أن الثقافة الصحية في تزايد مستمر وسط عديد المجتمعات، و لكن عديد الأمراض تبقى في خانة الأمراض الصعبة الوصف على العامة. الأمراض المعوية الالتهابية المزمنة تندرج ضمن تخصص الجهاز الهضمي، و مرض كرون Crohn و التهاب القولون التقرحي RCUH هما مرضان ضمن القائمة.
ما سيتم التطرق له في ما يلي هو مرض التهاب القولون التقرحي، و حديث عن أعراضه، كيفية تشخيصه و مضاعفاته. كذلك عن مختلف العلاجات المتوفرة للمرض و لمضاعفاته.
أعراض التهاب القولون التقرحي:
قد يصعب تحديد السبب الرئيسي لهذا المرض، و تعدد العوامل المحفزة و المظهرة له هو ما يتفق عليه العديد من المختصين. و المفارقة أن ما يساهم في ظهور مرض كرون قد يكون عاملا مقللا لاحتمالية ظهور القولون التقرحي.
يمكن تصنيف الأعراض إلى أعراض الجهاز الهضمي و أخرى غير هضمية، أو خارج هضمية. كما تصنف هذه الأعراض بحد ذاتها لأعراض مرتبطة بالمرض نفسه و أعراض مرتبطة بمضاعفاته.
أعراض الجهاز الهضمي:
- دم في البراز: و يكون أحمر اللون كدليل على موقعه القريب من الفتحة الشرجية ( المستقيم، القولون ).
- إسهال: ( أربع إلى ست مرات يوميا ) عرض غير ثابت أو خاص بالتهاب القولون التقرحي لكنه قد يكون عرض يدفع المريض للمعاينة.
- آلام في منطقة البطن أو أسفلها أو حتى أسفل الظهر.
- فقدان الشهية أو خسارة الوزن.
- إحساس كاذب بالحاجة للتبرز أو انقباضات شرجية مؤلمة.
- انتفاخ البطن أو انتفاخ القولون ( تضخم القولون يمثل إحدى المضاعفات و الحالات المستعجلة ).
- احتباس الغازات و البراز بسبب تضيقات المسالك الهضمية ( حالة استعجالية و تمثل إحدى المضاعفات كذلك ).
أعراض غير هضمية:
- الهيكل العظمي و المفاصل: يمكن للمرض أن يتصاحب مع إصابة عدة مفاصل و عظام منها عظم عجب الذنب (العصعص) أو الورك. و أحيانا يمكن لالتهابات مفصلية متعددة أن تظهر ( الركبة، الرسغ، المرفق ).
- الجلد: التقرحات يمكن أن تمتد لتصيب الفم و الأطراف السفلية ( احمرار و انتفاخات أو بثور أسفل الساق أو الرجل ).
- العين: يمكن لعديد الالتهابات أن تصيب مكونات العين و في حالات نادرة إعتام عدسة العين cataracte.
- الكبد: التهاب الكبد ممكن عند المصاب بالتهاب القولون التقرحي، سواء التهاب أولي لمسالك العصارة الصفراوية ( عصارة المرارة ) أو التهاب كبدي ناجم عن تراكم الدهون حول الكبد ( تدهن الكبد ).
- نادرا: حجر الكلى، تخثرات دموية و انسدادات الأوعية الدموية.
تشخيص التهاب القولون التقرحي:
الأمراض الالتهابية المعوية المزمنة تتطلب تمحيصا لنتائج الفحص السريري و كذلك تحاليل عديدة، بيولوجية أو تحاليل أنسجة و صور أشعة أو تصوير بالأمواج فوق الصوتية، صور بالرنين المغناطيسي أو تنظير سفلي للجهاز الهضمي، و هذا تبعا للأعراض التي يعانيها المريض.
الأعراض السريرية:
و هي الأعراض المذكورة سابقا، و التي ينجم عنها مجموعة لا حصر لها من الأوصاف التي يذكرها المريض.
تحاليل الدم:
- تركيبة و ترقيم الدم fns: قد تظهر فقر دم واضح نظرا للخسارة الناجمة عن خروج الدم مع البراز، و يمكن ملاحظة ارتفاع في كريات الدم البيضاء.
- العوامل الالتهابية أو تحاليل الالتهاب: قد تظهر ارتفاعا في عديد الحالات.
- ألبومين الدم ( بروتين ): انخفاض في تركيزه في الدم.
- تحاليل مناعية: وجود أجسام تدعى اختصارا بالـ ANCA و غياب ASCA.
- تركيز شوارد و أملاح الدم: انخفاض ملاحظ بدرجات متفاوتة عند المرضى.
التنظير السفلي للجهاز الهضمي:
يساعد التنظير أو الـ endoscopie على التعرف على طبيعة المرض و مدى انتشاره، درجة الالتهاب و التعرف على أسباب أخرى إن وجدت للأعراض الملاحظة.
كما يستغل هذا الخيار كوسيلة مراقبة طبية للحالة المشخصة و المتابعة الدورية و اكتشاف أي كتلة ذات طبيعة سرطانية ظاهرة.
دراسة عينة نسيجية:
دراسة نسيج بطانة القولون يسمح بتفريقه عن مرض كرون و الذي يظهر إصابة سطحية للغدد، تكون متصلة مع بعضها البعض و دون وجود فاصل و دون إصابة باقي طبقات البطانة. قد يبدو الأمر معقدا للقارئ البسيط، إلا أنه أمر يهم أهل الاختصاص في علم الأنسجة.
صور الأشعة السينية أو التصوير المقطعي:
أغلب النتائج في هذه الحالة توجهنا نحو المضاعفات الماكروسكوبية و التي تعد داعمة للطرح التشخيصي للممارس الطبي.
مضاعفات التهاب القولون التقرحي:
- تضخم القولون السُّمي: التمدد المفاجئ و السريع للقولون يعد لدى مرضى الالتهابات المعوية المزمنة حالة تستلزم التدخل الطبي و الجراحي المستعجل.
- ثقب القولون: الألم المفاجئ و المشابه لطعنة الخنجر قد يكون منذرا بمضاعفات مماثلة، و التدخل الجراحي يحول دون ظهور مضاعفات أخرى ( التهاب الصفاق أو البريتون péritonite ).
- خطر متزايد لسرطان القولون: هذا المرض من العوامل التي تزيد احتمالية ظهور سرطان القولون و ما يصاحبه من أعراض انسداد معوي، أو آلام أخرى أو تزايد أعراض القولون التقرحي شدة.
- مضاعفات أخرى:
- أنيميا أو فقر دم
- تخثرات دموية متفرقة
- مضاعفات متعلقة بالأعضاء المصابة و التي تكون خارج الجهاز الهضمي ( ذُكرت سابقا في الأعراض ) .
علاج التهابات القولون التقرحي:
قبل الخوض في السبل العلاجية علينا أن نفهم مبدأ مهما في الطب، و هو تحديد مرحلة المرض و شدته عند الحالات المشخصة. فوفقا للمراحل و الشدة، يقوم الخبراء بتحديث دوري للاستراتيجيات العلاجية لكل حالة دون نسيان الأمراض المصاحبة.
نوبات القولون التقرحي قد تعرف تحسنا و قد تسوء أحيانا، و بين هذا و ذاك على المريض أن يتخذ عادات غذائية ملائمة و نشاطات حياتية يومية تساعده على التعافي. يشمل علاج التهاب القولون التقرحي:
- العلاج الدوائي: يتضمن مضادات التهاب معينة ( استيروويدية أو ساليسيلية )، مثبطات الاستجابة المناعية immunodepresseurs، مضادات حيوية كالميترونيدازول لعلاج النوبات و علاجات حيوية تحفف من الالتهاب المزمن.
- الاستشفاء: في حالة النوبات الحادة
- الراحة: في حالة النوبات المتوسطة و الخفيفة.
- حمية خالية من البقايا أثناء النوبات و الرجوع إلى حمية عادية بزوالها
- مكملات غذائية لتعويض المعادن أو الشوارد المفقودة
- العلاج الجراحي: علاج يتضمن تدخل متعدد التخصصات و غالبا ما يكون لعلاج المضاعفات.
حسب حدة المرض و تطوره ( النوبات ) يتم وصف الأدوية و يتم رسم الاستراتيجية العلاجية للمريض و ملاحظة تطور حالته. غالبا ما يكون العلاج الدوائي كافيا، لكن عند فشله تصبح الجراحة إلزامية. و بحكم التطور الطبي المستمر، يبقى الأمل قائما لدى مرضى التهاب القولون التقرحي الذين يعانون منه بالرغم من الفهم الضيق لآلية نشوء الاعتلال.