بالرغم من عيشنا في منطقة (الجزائر) لا تعتبر داخل النطاق الوبائي للمرض، لكن الملاريا (paludisme) تبقى مرضا يجب إيضاحه نظرا لحركة النقل العالمية، سواء الأفراد أو السلع.
سبب مرض الملاريا عبارة عن طفيلي يدعى البلازموديوم أو المتصورة. ينتقل هذا الطفيلي إلى الإنسان عن طريق وسيط يتمثل في أنثى بعوض الانوفيل anophèles. لا يوجد انتقال بين البشر إلا في حالة حوادث نقل الدم من شخص مريض إلى شخص سليم، حيث يبقى الطفيلي في حرارة منخفضة نسبيا ليدخل جسم المستقبل إن حدث هذا رغم ندرة حصوله.
تعتبر منطقة جنوب الصحراء الكبرى منطقة جيدة لانتشار هذا المرض الطفيلي، حيث يوفر المناخ الرطب و الحار بيئة مناسبة لتكاثر البعوض الحامل للطفيلي. تسجل أغلب الحالات و الوفيات في تلك المناطق لنقص التغطية الصحية الواضح هناك.
تبقى الحالات المنعزلة شمال الصحراء حدثا نادرا لكنه ممكن الحدوث بسبب تنقل الأفراد المستمر من و إلى تلك المناطق.
في هذا المقال سيتم التطرق إلى الأعراض و أشكال المرض الممكنة و مضاعفاته و التشخيص التأكيدي، كذلك سيتم ذكر سبل الوقاية و العلاج من هذا النوع من الأمراض الطفيلية.
أعراض مرض الملاريا:
تعتبر الأعراض البسيطة و المعتادة للمرض مضللة، حيث تتشابه و الكثير من الإصابات الطفيلية أو المعدية الأخرى. من بين الأعراض البسيطة للملاريا التي يمكن ملاحظتها كبداية:
- الحمى و التعرق: تعتبر الحمى إحدى المؤشرات المهمة للعدوى، حيث تتميز بارتفاعات متكررة كل يومين أو ثلاث أيام تتخللها فترات انخفاض للحرارة
- الوهن: و هو مؤشر غير موضوعي أو نوعي
- الغثيان
- القيء
- الإسهال
- الصداع أو آلام في العضلات
- نوبات حمى تتكرر عبر السنوات في مناطق انتشار المرض قد يصاحبها انتفاخ في حجم الطحال.
- اليرقان و فقر دم
- يمكن أن تتسبب إحدى أنواع البلازموديوم في الانتقال من حالة بسيطة إلى حالة معقدة متسببة في مضاعفات قاتلة (بلازموديوم فالسيباروم).
مضاعفات عدوى الملاريا:
تختلف المضاعفات أو الأعراض الحادة باختلاف نوع البلازموديوم المتسبب في العدوى.
في حالة الملاريا من نوع البلازموديوم فالسيباروم، عند الأشخاص ذوي المناعة المنخفضة أو الغائبة قد يتسبب هذا الطفيلي في:
- الملاريا العصبية neuropaludisme : هذه الحالة تصاحبها حالة من اضطرابات الوعي و التشوش الذهني أو حتى الغيبوبة و الموت
- إصابة الأحشاء و تضررها مسببا إضرابات مستعصية العلاج
- خلل في توازن شوارد الدم
- اضطرابات أيضية مختلفة
أما في حالة الملاريا من نوع البلازموديوم نوليزي P.knowlesi فقد تشمل المضاعفات:
- انهيار و فشل الرئتين
- إصابة و فشل الكلى
- الموت
التشخيص:
يعتمد تشخيص عدوى الملاريا على المنطقة التي تتم فيها المعاينة. فالجزائر مثلا منطقة معدومة إن لم نقل منخفضة الخطر لتواجد حالات الملاريا. فمحادثة الطبيب مع المصاب تحدد تنقلاته الحديثة إلى مناطق انتشار الملاريا. و على هذا الأساس ينطلق في ترتيب المعطيات السريرية و ربطها بحالة المرض.
يتم تأكيد وجود الطفيلي في الجسم عن طريق أخذ قطرة دم من المريض و معاينتها بالميكروسكوب بحثا عن الطفيلي و تحديد نوع البلازموديوم، و انطلاقا من نتيجة المعاينة يتم تحديد خطة العلاج.
يمكن أيضا الكشف عن الحمض النووي أو المستضد الخاص بالطفيلي لتأكيد الإصابة، لكن يتم في الغالب استخدام الميكروسكوب عندما يكون متاحا و كافيا لإيجاده.
العلاج و الوقاية من مرض الملاريا:
يمكن استعمال الأدوية المضادة للملاريا كوسيلة وقاية للمرتحلين نحو مناطق انتشار المرض أو علاج المرض بحد ذاته.
يمكن الشفاء من الملاريا تختلف الحالات التي يكفي علاجها دوائيا في المنزل من الحالات التي يستلزم فيها استشفاء المريض أو حتى إنعاشه.
أغلب خطط العلاج تتمثل في علاج ثنائي من جزيئتين مضادة للملاريا في الحالات البسيطة، يتم أخذها عبر الفم:
- أرثيميثر + لوميفونترين
- أطوفاكون + بروغانيل
- كينين + دوكساسيكلين أو كلينداميسين
- أرثيمزينين + بيبراكين
الحالات الحرجة تستلزم الاستشفاء و العلاج بمضادات الملاريا المتمثلة في الارثيزونات أو الكينين عبر الحقن الوريدي.
تماما كالبكتيريا المقاومة، نبهت منظمة الصحة العالمية بظهور مقاومة ضد مضادات الملاريا الكلاسيكية مثل الكلوروكين. و ليس من الواضح وجود مقاومات للجزيئات سالفة الذكر، لكن احتمال تطوير مقاومة لها وارد، ما يجعل الأمر جدي.
من سبل الدفاع الطبيعية ضد الملاريا هي حالات فقر الدم المنجلي لدى سكان المناطق الموبوءة. فبحكم غزو الطفيلي لخلايا الكبد ثم الدم، فخلايا الدم المنجلية تجعل الأمر صعبا على الطفيلي للتكاثر أو التعشيش.
تبقى حلول للوقاية مثل استعمال الناموسيات أو القضاء على أناثي بعوض الأنوفيل حلولا قد تقلل من نسب الإصابة، لكن القضاء على الطفيلي مستعصي و مستبعد إن أمكن القول.
يتوجب على الأشخاص المحيطين بالمصاب بالملاريا، قياس الحرارة الدوري للتحقق من غياب أعراض العدوى و المتمثلة في الحمى التي تميز الملاريا ( ارتفاع دوري لحرارة الجسم كل يومين أو ثلاثة يتخللهما انخفاض). و قد يُطلب منهم أحيانا معاينة لقطرات الدم بحثا عن الطفيلي.