صوم رمضان ركن من أركان الإسلام، والصوم بحد ذاته علاج مثبت علميا. قد يضطر الطبيب المعالج لمنع الصيام على مريضه المصاب بمرض مزمن، وخاصة أولئك الذين يتناولون الأدوية بانتظام، حتى لو شعر أنه قادر على ذلك. من ناحية أخرى، هناك بعض الأدوية والأمراض المتوافقة مع صيام رمضان. هناك أمراض وحالات معينة يمكن فيها الصيام، كما يمكن استخدام أدوية وعلاجات معينة خلال فترة الصيام دون أن تفطر.
عند حلول شهر رمضان، يجب مراعاة عدة معايير فقهية وطبية. قد لا يأخذ بعض المرضى قرار منع الصيام على محمل الجد ويعارضون تعليمات المرجع الطبي لأسباب عدة أهمها نفسية كالتشبث بفريضة صيام رمضان. بعضهم قد تتفاقم حالته المرضية، وقد يلجأ البعض إلى أجنحة الاستعجالات.
في شهر رمضان، يجب أن تكون بصحة جيدة. لذلك يُمنع بعض المرضى من الصيام.
مراحل تأقلم الجسم مع الصيام:
مرحلة التكيف:
العشر (10) أيام الأولى، ينتقل فيها الجسم من نظام غذائي كلاسيكي إلى نظام غذائي صارم. يمكن أن تظهر خلال هذه المرحلة بضع أعراض أهمها:
- فقدان القوة
- التعب
- صداع الرأس
- الجوع والرغبة الشديدة في الأكل
مرحلة التوازن:
- تتميز عادة باختفاء الصعوبات التي شعرت بها خلال المرحلة الأولى
- يلاحظ فيها فقدان طفيف في الوزن (إلا إذا كان هناك إفراط في الأكل)
التكيفات الفيزيولوجية للجسم خلال الصيام:
خلال أيام الإفطار العادية، فإن الهرمون الهضمي الأكثر إفرازًا هو الأنسولين Insuline. ويعمل على:
- دخول سكر الجلوكوز إلى الخلايا ليتم استهلاكها وتحويلها إلى طاقة
- تخزين الطاقة الزائدة
أثناء الصيام، الأنسولين يفسح المجال لهرمون الجلوكاجون Glucagon (هرمون رفع مستوى السكر في الدم). مهمته:
- تحويل مخازن الدهون إلى سكر
- التخفيف من أعراض نقص السكر في الدم
شهر رمضان ومرض السكري:
مضاعفات صيام شهر رمضان عند بعض مرضى السكري:
- هبوط نسبة السكر الدم
- الجفاف
- ارتفاع مستوى السكر في الدم
- ظهور حالة الحماض الكيتوني السكري (acido cétose diabètique) الذي قد يتفاقم إلى غيبوبة
- تغير في الوزن
- خلل في أعضاء أخرى لها علاقة بمرض السكري مثل الذبحة الصدرية و السكتة الدماغية
من هو مريض السكري الذي يمكنه صيام رمضان؟
يمكن لفئة محددة من مرضى السكري صيام رمضان، وهم الذين ليس لديهم:
- مضاعفات لمرض السكري (مشاكل الشرايين، العين السكرية، العصبية والكلى)
- أي حالة مرضية متداخلة مثل عدوى بكتيرية، قصور القلب، الخضوع لجراحة
- مرضى السكري من النوع الثاني الغير مستقر مع علاج عن طريق الفم يعرضهم لخطر هبوط سكر الدم
- يمكن الصيام لمرضى السكري من النوع الأول المتوازن ومع نظام علاجي بسيط بحقنة أنسولين واحدة
من هم مرضى السكري الذين لا يستطيعون الصيام؟
- مرضى السكري من النوع الأول الذين يتطلب تعديل نسبة السكر في الدم لديهم حقن الأنسولين عدة مرات يوميًا
- مرض السكري مع وجود مضاعفات مثل اعتلال شبكية العين، الاعتلال العصبي السكري (تلف في الأعصاب) واعتلال الكلى
- وجود مرض متداخل مع السكري مثل عدوى بكتيرية، جفاف، قصور في القلب
- سكري الحمل
نصائح تتعلق بصيام رمضان عند مريض السكري:
توصيات ما قبل وخلال صيام رمضان لدى مريض السكري، وفقًا لنتائج دراسة EPIDIAR التي أجريت على 12243 مريضًا من 13 دولة إسلامية. تشمل هذه التوصيات والنصائح:
- استشارة الطبيب المعالج قبل شهرين من حلول رمضان للحصول على التثقيف اللازم وتكييف العلاج لتفادي مخاطر حدوث مضاعفات
- قياس ومراقبة نسبة السكر في الدم بشكل متكرر، خاصة في حالة العلاج بالأنسولين
- اتباع نظام غذائي متوازن
- تجنب الأطعمة الدهنية والسكرية
- تناول الأطعمة ذات السكريات المعقدة أو البطيئة خلال السحور مثل الخبز، المعكرونة والأرز وذات التحلل السريع أو السكريات البسيطة في وجبة الإفطار
- شرب كميات كافية قبل الصيام وبعده
- ينصح بشدة أداء صلاة التراويح وأيضا ممارسة المشي أثناء النهار دون الإفراط
يجب الإفطار فورًا إذا كان مستوى السكر في الدم خلال الساعات الأولى للصيام أقل من 0.7 غ/ل أو كان هناك ارتفاع في مستوى سكر الدم أكثر من 3 غ/ل
- يتم تجنب الأدوية ذات المفعول العلاجي طويل المدى مع وجود خطر في التسبّب في هبوط مستوى السكر في الدم عند المريض بداء السكري من النوع الثاني. سيفضل الطبيب مثلا استخدام دواء من عائلة البيغوانيدات (غلوكوفاج Glucophage) عوضا عن دواء من عائلة السولفاميدات
- بالنسبة للنساء الحوامل المصابات بداء السكري (سكري الحمل)، قد يشكل الصيام خطرًا كبيرًا على كل من الأم والطفل
أمراض مزمنة لا تتوافق مع صيام شهر رمضان:
يمنع الأشخاص الذين يعانون من بعض الأمراض المزمنة أو المستعصية من صيام رمضان لما فيه من خطر على حياتهم. تشمل هذه الأمراض:
- الأمراض النفسية: الذهان المزمن الشديد، اضطراب الشخصية الحاد، الفصام، التخلف العقلي..
- أمراض التمثيل الغذائي: السكري من النوع الأول والثاني هي من أمراض التمثيل الغذائي الوراثية التي تتطلب علاجًا متخصصًا طويل الأمد، و يمنع أصحابها في أغلب الحالات من صيام رمضان
- الأمراض العصبية: السكتة الدماغية مع مضاعفات شديدة، الصرع الشديد، الاضطرابات العصبية والعضلية المتقدمة، مرض باركنسون متقدم والتصلب المتعدد
- أمراض القلب والأوعية الدموية: قصور القلب الاحتقاني (insuffisance cardiaque congestive)، اضطرابات نظم القلب، أمراض صمامات القلب المتقدمة، أمراض القلب الخلقية المتقدمة، اعتلال الشرايين المزمن مع وجود مضاعفات، ارتفاع ضغط الدم الشديد، مرض الشريان التاجي الحاد
- أمراض الجهاز التنفسي: فشل الجهاز التنفسي المزمن المعتمد على الأكسجين، التليف الكيسي (mucoviscidose)
- الأمراض المعدية: السل النشط، الجذام (lèpre)، عدوى البلهارسيا (bilharziose) معقدة، عدوى فيروس نقص المناعة المكتسبة السيدا
- الأمراض السرطانية: السرطانات المتقدمة، الأورام الخبيثة في الأنسجة اللمفاوية أو الدموية
- أمراض الدم وأمراض المناعة الذاتية: الهيموفيليا، والاضطرابات البنيوية الشديدة، اعتلال الهيموغلوبين الشديد، انحلال الدم المزمن، فشل نخاع العظم، نقص المناعة الأولية الشديد المزمن الذي يتطلب العلاج لفترات طويلة، الذئبة الحمامية (lupus érythémateux)، تصلب الجلد (sclérodermie) الحاد
- أمراض الروماتيزم: التهاب المفاصل الروماتويدي النشط، التهاب الفقار اللاصق (spondylarthrite ankylosante) الحاد
- اعتلالات الكلى: مرض الكلى المزمن المتقدم، المتلازمة الكلوية الأولية
- أمراض الجهاز الهضمي: التهاب القولون التقرحي، داء كرون، أمراض الكبد المزمنة النشطة وتليف الكبد
الأدوية والفحوصات الطبية غير المفطرة و المتوافقة مع الصيام:
- أقراص تحت اللسان دون بلع
- قطرات العين
- قطرات أنف دون أن تمر إلى الحلق
- التحاميل الشرجية (suppositoire)
- بخاخات الربو
- الأكسجين الطبي
- الحقن غير المغذية في العضلة و الوريد
- خلع الأسنان
- تنظيف الأسنان باستخدام السواك أو فرش الأسنان بشرط عدم البلع
- الغرغرة أو شطف الفم لعلاج حالة موضعية بشرط عدم البلع
- كريمات الجلد والمراهم
- غازات التخدير
- فحص المستقيم أو المهبل (toucher rectal / vaginal)
- القسطرة البولية والمستقيم
- الموجات فوق الصوتية (échographie) مع أو بدون إدخال مسبار (sonde) إلى المستقيم أو المهبل
- تنظير المعدة، القصبات الهوائية، المثانة..
- الخزعات (biopsies)
ينصح بتأجيل الفحوصات إلى ما بعد الصيام، إلا في الحالات الضرورية أو الطوارئ. يجب أن يخضع قرار صيام شهر رمضان في حالة العلاج من مرض أو حالة طبية معينة لإذن مزدوج من الإمام المفتي والطبيب المعالج. ينبغي قطع الصيام عند حدوث أدنى مشكلة صحية طارئة.