أمراض الجلد تختلف شكلا و سببا في الغالب، لكن التشابه الكبير بين ما ندعوه الإصابات العنصرية أو الأساسية lésions élémentairs يجعل الكثير من الأمراض مصدر خلط تشخيصي. هذا الخلط يستلزم حوارا طبيا مطولا و معمقا عن كل العادات الحياتية، الماضي الطبي الشخصي و العائلي، طبيعة العمل، المعلومات الوبائية و كل العلاجات التي يتم أخذها. أحد الأمراض التي لا تحتاج لعمل تحاليل في الغالب و لكن إلى هذا الحوار الطبي المعمق هو مرض الصدفية Psoriasis.
تُعرف الصدفية بأنها مرض مزمن ذو أسباب متنوعة، لكن ذو آلية مجهولة. بسبب عامل محفز معين تستجيب إحدى طبقات الجلد و التي تمثل الطبقة العليا منه (البشرة أو الطبقة التي تدعى “ما فوق الأدمة”) بطريقة غير سوية مسببة تفاعلا مرضيا تكون فيه الخلايا الكيراتينية ذات دور محوري، حيث يتزايد نشاط الانقسام الخلوي و يحدث اضطراب في تمايز هذه الخلايا.
الانقسام الزائد و التمايز الغير طبيعي لهذه الخلايا ينتج عنه زيادة في سمك البشرة التي تظهر على شكل قشرة بيضاء ترتكز على طبقة أو قاعدة محمرة érythémateux.
في هذا المقال سيتم التطرق لمعلومات عامة عن هذا المرض، أشكاله التي يمكن أن نصادفها، كما سنعرفكم على سبل علاج الصدفية المتاحة لكل حالة من حالاتها.
المسببات و المحفزات المحتملة لنشوء مرض الصدفية:
- العوامل المحيطية والبيئية يمكن أن تكون سببا لنشوء الاضطراب خاصة لدى الأشخاص المعرضين وراثيا لمرض الصدفية مثل التوتر، المناخ، العدوى، الإصابات..
- التعرض الجيني المسبق قد يكون سببا محتملا خاصة في الحالات العائلية.
- العدوى الفيروسية أو البكتيرية قد تكون سببا لظهور مرض الصدفية عبر تدخل الجهاز المناعي و الخلط بين الخلايا الطبيعية للجسم و الجسم الغريب، قد تكون العدوى سببا في مضاعفة المرض أيضا لدى الأشخاص المصابين.
- بعض الأدوية تلعب دورا ملاحظا في نشوء أو زيادة الحالة سوءا، نذكر منها: أملاح الليثيوم، مثبطات مستقبلات البيتا، بعض أدوية علاج الضغط، مضادات الملاريا المصنعة..
- العوامل النفسية قد تكون عاملا مساهما في نشوء العديد من أمراض الجلد و ليس فقط الصدفية.
- التبغ و الكحول عوامل تجعل الصدفية صعبة العلاج أو التحسن.
المناطق التي يمكن أن تصيبها الصدفية:
بعد التعرف على شكل الإصابة الجلدية العنصرية أو الأساسية و التي تظهر غالبا في شكل إصابة قشرية بيضاء ترتكز على قاعدة محمرة قد تكون التهابية، يمكن الآن ذكر المناطق المعنية بهذه الإصابة:
- ظاهر المرفقين
- الركبتان
- فروة الرأس
- أسفل الظهر
- الأظافر و ما بين الجلد و الظفر
يمكن أن تصاب مناطق أخرى بشكل نادر، مثل:
- الثنيات المفصلية (مثل باطن المرفق، الإبط، ظهر الركبتين)
- السرة و ما تحت الثديين
- شق المؤخرة
- باطن اليدين و القدمين
- العضو الذكري
- الوجه
يمكن للصدفية أن تصيب المفاصل مسببة الشكل المفصلي للمرض، حيث يمكنه أن يصيب مفصلا واحدا كما يمكنه أن يصيب عديد المفاصل.
يمكن أن تشمل مساحة الإصابة 90% من مساحة الجلد مسببة حالة تدعى طبيا بالـ psoriasis érythrodermique، وهي حالة متقدمة من مرض الصدفية لأنها تحرم الجلد من وظيفته كحاجز وقائي ضد الصدمات والعدوى.
أعراض و تطور مرض الصدفية:
تتميز الصدفية بظهور بقع حمراء سميكة أكثر أو أقل اتساعًا، مغطاة بجلد ميت من اللون الأبيض، مع القشور. إضافة إلى شكل الإصابة الذي يدفع الطبيب لوضع التشخيص عبر إكمال أسئلته، يتميز المرض بنوبات و بفترات هدوء أو خمول، يمكن أن تؤثر هذه النوبات بشكل كبير على نفسية و جودة حياة المريض ما قد يتطلب استشارة نفسية أحيانا.
الأعراض المصاحبة للنوبات قد تتراوح شدتها من شخص لآخر، مثل:
- الحكة الشديدة
- الآلام المفصلية
يتميز تطور المرض بقلة النوبات في الفترات الصيفية نتيجة التعرض للأشعة فوق البنفسجية التي تلعب دورا مخففا في حالة الصدفية.
يمكن لعدوى أو حالة نفسية حرجة أو دواء أن يتسبب في ظهور نوبة الصدفية مع حكة شديدة.
علاج الصدفية:
البدء في علاج الصدفية ينبغي أن ينطلق بتوضيح مهم من طرف الطبيب للطبيعة المزمنة و الغير القابلة للعلاج النهائي لها، مع طمأنة المريض المصاب و تخفيف الأثر النفسي عبر جعل المصاب يتقبل المرض، و يتعايش معه، بما أن الأدوية المتوفرة تساهم بشكل كبير في التخفيف و التقليل من الأعراض، و أحيانا اختفائها لفترة طويلة نسبيا.
العلاجات الممكنة:
- العلاجات الموضعية: الستيرويدات القشرية corticoides، فيتامين D3 و مواد ضمن هذا الصنف، حمض الساليسليك، طازاروثان.
- العلاج بالأشعة الفوق بنفسيجية (صنفين ألف أو باء).
- العلاج العام: يضم علاجات مثل: الميثوثريكزاث، الأسيثريتين، السيكلوسبورين.
دواعي علاج الصدفية:
- الحالات البسيطة و التي يغيب فيها الأثر النفسي لا تستدعي العلاج.
- الحالات البسيطة و التي يصاحبها تأثر نفسي معيق تستدعي استشارة نفسية.
- الإصابات المحدودة من حيث المساحة و الخفيفة الأعراض تحتاج إلى علاج موضعي و غالبا ما يكون المزيج بين الستيروويدات القشرية و فيتامين D3 أكثر فعالية من العلاج الأحادي.
- في حالة إصابة مساحة جسدية كبيرة نسبيا قد يكون العلاج بالميثوثريكزاث أو الأشعة فوق البنفسجية لازما.
- الحالات الخاصة كإصابة المفاصل و صدفية باطن اليد و القدم قد تستدعي علاج بالأسيثريتين أو الميثوثريكزاث.
في النهاية و كخلاصة، الطبيعة الغير قابلة للشفاء في مرض الصدفية لا يعيق الفرد عن الحفاظ على نشاطه ضمن المجتمع.
العلاجات المتوفرة تساعد لحد كبير في تخفيف الأعراض و تقليص مساحة الإصابة.
تلعب الناحية الجمالية و الشكلية عاملا نفسيا مؤثرا لدى مرضى الصدفية، لكن الناحية الوظيفية تعتمد على تقبل المريض وتفهمه للقدرة على الاستمرار في نشاطه العملي أو الأكاديمي أو الاجتماعي بدعم نفسي أو بدونه.